الماسونية

  الماسونية، (الماسون) لغةً تعني البناؤون Freemasons أي البناؤون الأحرار، وهي منظمة سرية عالمية، وتسمى "أخوية" لأن كل اعضائها يصبحوا أخوة مع بعض. شعاراتهم أنهم اخوة من أجل الأخوة والحرية والمساواة، كما يدعون، وهو الادعاء الذي يستدرجون به من يريدوا ضمه معهم في جمعيتهم السرية.

   يعتقد بعض الباحثين أن الأسم المراد به هو انهم الذين سيبنون هيكل سُليمان في القدس "بيت المقدس"، وهذه المنظمة هي إحدى وسائل اليهود للسيطرة على العالم، وإقامة حكومة سرية تحكمه، وتحقق لهم اهدافهم في السيطرة عليه، فاليهود يعتقدون كما جاء في التلمود – كتاب يتضمن كلام احبارهم – أن اليهودي الواحد سوف يأتي زمن يخدمه خمسين شخص من غير اليهود، عندما يكونون أسياد العالم، ولهذا يريدوا أن يحكموا العالم، ويمهدوا لظهور المسيح "المسيح الدجال".

   تدّعي هذه المنظمة أنها تؤمن بخالق واحد يسمونه "المهندس الأعظم"، وفي الحقيقة لا يُعلم المقصود بهذا الاسم هل هو الله؟ أم هل هو الشيطان؟ وتدعي أن سبب الخلاف بين البشر هو "الأديان" ولهذا تقول بترك الأديان لتجنب الصراعات والخلافات.

   هذه الجمعية معظم أعضائها من الشخصيات المرموقة في العالم، لأنها بطبيعتها تستهدف النخبة، الذين يقيمون المحافل الماسونية للتجمع، والتخطيط، وتكليف المهام؛ من أجل إقامة جمهورية ديمقراطية عالمية أي "حكومة عالمية"، وهي في الحقيقة إقامة دولة إسرائيل الكبرى ليحكموا العالم.

   اختلف المؤرخون حول تاريخ الماسونية، وحقيقة تاريخ ظهورها، لكن المُرجح في نشأتها – بالنسبة لي – كان في عام 43 ق.م، على يد الملك هيرودس الثاني والي الرومان على "بيت المقدس"، الذي استعان بأثنين من اليهود لتأسيس هذه المنظمة السرية الأول أسمه حيرام ابيود، والثاني موآب لامي، ثم ضموا معهم أربعة آخرين فضمت أول خلية من الماسونية ستة أعضاء.

كان الهدف الأساسي من هذه المنظمة هو محاربة الدين المسيحي، لأنهم شعروا أن المسيحية بدأت تنتشر في فلسطين، فقام هذا الملك الروماني، ومعه اليهود بتأسيس هذه المنظمة السرية. ثم بعد ذلك افسحوا المجال لمن يرغبوا في الانضمام إليها.

   يرى بعض الباحثين أن القديس بولس – اليهودي الذي اعتنق المسيحية، وحرفها عن اتجاهها الصحيح "التوحيد"، وقال بالثالوث – كان عضواً في هذه المنظمة الماسونية، وأنه كان مكلفًا منها بتحريف الديانة المسيحية.

   استمرت هذه الجمعية، والتي تسمى بـ "القوة الخفية" تعمل في السر حتى ظهرت عام 1717م على يد ثلاثة يهود، بهدف استعادة مجد إسرائيل، واسترداد هيكل سليمان، وقرر هؤلاء الثلاثة إدخال أعضاء من غير اليهود، والمغرر بهم تحت شعارات براقة أمثال الحرية، والمساواة، والإخاء، والتعاون. وقرروا تبديل أسم الهيكل الذي كانوا يجتمعوا فيه، إلى إسم "محفل"، وغيروا أسم المنظمة من القوة الخفية إلى الماسون أو الماسونية، أو إلى أسم الماسونيين الأحرار.

   فانتشرت هذه المنظمة في أوروبا تحت شعار نشر المبادئ الإصلاحية والاجتماعية، وبناء مجتمع أنساني، لكن حقيقتها كانت محاربة الأديان، وبث روح الإلحاد، والإباحية. ويعتقد بعض الباحثين أن كبار فلاسفة التنوير في أوروبا كانوا من الماسونية. والتنوير هي الحركة التي قامت في أوروبا ضد الديانة المسيحية والكنيسة، والاتجاه نحو الجانب العقلي والعلمانية، فسمى فلاسفتها بالتنويريين أشهرهم: فولتير صاحب مقولة "محق الباطل"؛ أي محق الدين المسيحي، وأيضًا جان جاك روسو صاحب كتاب "العقد الاجتماعي"، الذي ناهض بدوره أيضًا الدين. وهو ما سنذكره بإسهاب في محاضرة العلمانية.

   أُسس في عام 1717م أول محفل كبير في بريطانيا، سمي بـ "محفل بريطانيا الأعظم "، وأطلقوا على أنفسهم "البنائين الاحرار"، وتمكنت هذه الحركة الماسونية في أوروبا من أضعاف المسيحية الكاثوليكية – أصحاب بابا روما-من خلال دعم البروتستانت، المذهب المسيحي الذي اتى يناقض الكاثوليكية لمحاربة المسيحية المتشددة. وسرعان ما انتشرت هذه المحافل في أوروبا كلها، ولقد أُسس في جبل طارق محفل ماسوني في عام 1728م، وفي باريس عام 1732م، وفي المانيا 1733م، وفي أمريكا عام 1733م، وهذا ما يوضح مدى عمل اليهود لمئات السنين في تحقيق أهدافهم في السيطرة على العالم.

   بعدها حدث تطور خطير في تاريخ الماسونية، وهو سيطرة واختراق جماعة النورانيين على هذه المنظمة -النورانيين جماعة من اليهود الذين يعبدون الشيطان– التي قادها المجلس الأعلى للمجمع النوراني، وهو مؤلف من ثلاثة عشر عضواً، يمثلون ثلاثة عشر قبيلة في بني إسرائيل، يليهم مجلس الثلاثة والثلاثين، وهي أعلى رتبة يصل اليها النوران.

   تزعم هذه الحركة اليهودي الألماني ماير روتشلد، وهو الذي جدد نشاط المحفل الماسوني، ووضع هدف أنشاء حكومة عالمية من ذوي القدرات والكفاءة والذكاء، لتحكم العالم كما يقول حكماً خيراً رشيداً، وحتى تضع حداً للحروب والعصبيات، وكان ذلك ظاهرها أما في حقيقتها كان هدفها تدمير الحكومات، والأديان عن طريق خلق الصراعات، حتى يسهل السيطرة على "الجوييم" وهي لفظة يطلقها اليهود على غير اليهود، وكانت خطتهم كالتالي:

1. استخدام الرشوة بالمال، والجنس للسيطرة على الأشخاص المهمين. وهو المعروف عنه تاريخ اليهود، وكما حدث في قصة سيدنا موسى مع بلعام.

2. الدفع بالنورانيين للعمل كأساتذة في الجامعات، والمعاهد العلمية لاصطياد الطلاب المتفوقين من الأسر العريقة فيُعطى لهم المنح، والتسهيلات، والالقاب ثم يقنعوهم من بعد ذلك بالإنضمام للمحفل الماسوني، ويتم تدريبهم والعناية بهم بشكل خاص، ثم مساعدتهم حتى يتولوا أعلى المناصب في بلدانهم لتنفيذ مخططاتهم للسيطرة على الحكومة.

   ولقد وقعت في عام 1784م واقعة مهمة، وهي وقوع وثيقة في ايدي رجال الشرطة البافاريين – في ولاية بافاريا جنوب المانيا – كشفت مخططات الماسونية لعمل ثورة في فرنسا، فتم تحذير ملك فرنسا، الا انه لم يصدق هذه المؤامرة، وبالفعل قامت الثورة الفرنسية 1789م، وتم اسقاط ملك وملكة فرنسا، وتم اعدامهما نتيجة تجاهل تحذيرات البافاريين.

   ومن هنا بدأت تنكشف مخططاتهم ففي عام 1798م اصدر جون روبسون أحد كبار زعماء الماسونية، كتاب اسماه "البرهان" تكلم فيه عن وجود مؤامرة حول تدمير كافة الحكومات والأديان، وذلك بعد انشقاقه عنها بعد ان اكتشف مؤامرتها.

   وفي نفس العام اصدر دافيد باين رئيس جامعة هارفرد نفس التحذير، وكان الشخص الذي لم يتحملوا معارضته، وقاموا باغتياله وقتله هو الكابتن وليام مورجان الذي اصدر عام 1826م كتاباً حذر فيه من النورانيين، ومخططاتهم في السيطرة على الماسونية، وبالتالي من الماسونية وإلى السيطرة على العالم فتم اغتياله، وباغتياله غضب ما يقرب من 40% من الماسون الامريكان، والذين خرجوا من المحافل الماسونية – وهنا اؤكد على أهمية قراءة كتاب احجار على رقعة الشطرنج لوليم كار، وكتاب بروتوكولات حكماء صهيون -.

    ثم لم تلبث هذه الماسونية وأن دخلت بلاد الإسلام، وكانت أول دولة واكبرها "الدولة العثمانية" في تركيا، فالماسونية استطاعت الوصول إلى السلطان مراد الخامس "الشقيق الأكبر للسلطان عبدالحميد"، والذي كان ماسونياً الا انه لم يظل في السلطة سوى ثلاثة أشهر، لأنه بعد ذلك أصيب بالجنون.

   لكن المحافل الماسونية في تركيا أصبحت هي الحاضنة لحركة الاتحاد والترقي، وهي التي اسقطت الخلافة الإسلامية. فالثورة التركية كلها كانت من عمل اليهود الماسون، وذلك لأن السلطان عبد الحميد رفض إعطاء اليهود قطعة ارض في فلسطين. كذلك اتاتورك كان من يهود الدونم، وهو الذي قاد الحركة وحارب الإسلام. ولكنه في عام 1935م اغلق المحافل الماسونية، ولعل ذلك من باب صراع الاخوة. ولكن المحافل الماسونية عادت إلى تركيا مرة أخرى فترة الحكم الذي تلاه في حكم عصمت إينونو، والمحافل الماسونية في تركيا تحارب الإسلام علناً.

ودخلت الماسونية مصر عن طريق الحملة الفرنسية، وأصبح بعض كبار رجال العلماء والشخصيات من رجال الماسونية أمثال الشيخ محمد عبده، والشيخ جمال الدين الافغاني، لكنهم انشقوا عنها عندما عرفوا حقيقتها، وحذروا الناس منها.

أهم معتقدات وأفكار وأساليب الماسونية، والتي يسعوا إلى تحقيقها بذكاء وخفاء هي:

1. الكفر بالله، وبكل الغيبيات باعتبارها خرافات، وخزعبلات.

2. تقويض الأديان تحت حجة أن الأديان هي المسببة للصراعات بين البشر.

3. العمل على اسقاط الحكومات الوطنية، والسيطرة على بلدان العالم. وهذا ما حذر منه الإسلام، وسوف نتطرق اليه في مادة الفكر الإسلامي تحت اتجاهين؛ اتجاه السمع والطاعة لولي الأمر، والاتجاه الآخر مبدأ الخروج.

4. اباحة الجنس، واستعمال المرأة كطريقة للسيطرة، وهنا أوضح إلى خطورة المرأة، وإلى أهمية توعيتها في مجتمعاتنا.

5. العمل على زرع الفتن في غير اليهود.

6. تسليح الأطراف المتصارعة.

7. إحياء روح الأقليات، والطائفية، والعنصرية لتأجيج الصراعات، ونبينا ﷺ حذر من ذلك بقوله: "دبَّ فيكم داء الأمم الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة، لا أقول حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين".

8. تهديم المبادئ الأخلاقية، والفكرية، والدينية، ونشر الانحلال، والرذيلة، والإرهاب، والالحاد.

9. استعمال الرشوة بالمال، والجنس. والنبي ﷺ حذر من قضية المال بقوله: "والله لا أخشى عليكم الشرك من بعدى ولكن أخشى عليكم الدنيا".

10. قتل أي مرتد يفضحهم، كما حدث مع المرتد الأمريكي وليام مورجان، وكذلك مع المرتد محمد علي الزغبي، مؤلف كتاب "فضائح الماسونية".

11. تحرص هذه المنظمة السرية على ضم ذوي المكانة المالية، أو السياسية، أو الاجتماعية، أو العلمية الرفيعة. فالنخبة هم الذين يقودون المجتمع فبتالي يفرضوا سيطرتهم على المجتمع.

12. رفض عضوية الأشخاص العاديين.

13. أما اخطر أساليبهم فهي السيطرة على الأجهزة الإعلامية، وهنا اشير إلى خطورة الاعلام وتأثيره السلبي على المجتمعات الإسلامية، وذلك بسبب التركيز الدائم على جوانب المجتمع السيئة.

14. تَبني دعوات تحديد النسل عند المسلمين، وعند غير اليهود بشكل عام، وذلك لتجنب حدوث الثورة السكانية أو "الانفجار السكاني" في بلاد المسلمين، والذي سيليه السيطرة على العالم.

15. السيطرة على المنظمات الدولية، مثل السيطرة على منظمة الأمم المتحدة.

16. التكاتف والتعاون فيما بينهم.

   من مشاهير الماسونية لينين صاحب الثورة الشيوعية في روسيا، وكذلك استالين، وتروتسكي، وبريجنيف، وتشرشل "زعيم بريطانيا في الحرب العالمية الثانية"، وبلفور صاحب "وعد بلفور". اما أخطر ما في دراسة هذا الموضوع هو معرفة أن العالم الظاهري تديره منظمات سريه.

   والانضمام للماسونية يتم بطقوس غريبة، منها أن الرجل الجديد يقاد وهو معصوب العينين إلى رئيس المحفل، ويؤدي قسم إلى عدم الإفشاء بالأسرار، وأنه يستحق الموت إذا أفشى السر، وعندما يفتح عينيه يفاجئ بالسلول المسلولة حول رقبته، وعنقه، وأمامه التوراة أو العهد القديم ليؤدي عليه القسم، وهو في غرفة شبة مظلمة فيها جماجم، وأدوات هندسية خشبية. وكل ذلك لبث المهابة في نفس العضو الجديد.

   مراتب العضوية لديهم ثلاثة وثلاثين مرتبة، لا يعرف بعضهم البعض، والوحدة الأساسية في الماسونية هي "المحفل"، ومجموعة المحافل تشكل ما يسمى "المجمع"، ومجموعة المجامع تسمى "المحفل الأعظم"، ثم ما يسمى بـ " الشرق". وكل سبعة من الماسون يحق لهم أن يفتتحوا محفلاً، الذي يضم من سبعة أعضاء إلى خمسين عضو، يجتمعون كل خمسين يوم ليتدابروا بينهم أحوال امورهم، ويحضر هذا الاجتماع المتدربون، والعرفاء، والمعلمون. أما الرتب العليا فلهم اجتماعات خاصة. وفي اجتماعاتهم لهم طقوس غريبة في الملبس، فهم يرتدون بدل سوداء، وقفازات بيضاء، ويضعون على صدورهم شرائط معينة.

   ومن أهم شعارات الماسونية شعار الحرية، وتحت هذا الشعار (تحارب الأديان عدا الدين اليهودي)، وشعار الاخوة (تحت هذا الشعار يحاول به كسب الود لليهود)، لأن اليهود عانوا من اضطهاد المسيحيين لهم طيلة العصور الوسطى، والعصور الحديثة. ايضاً من شعاراتهم المساواة، وبهذا الشعار تنشر الفوضى السياسية، والاقتصادية.

   أما أهم رموزهم فهو الهرم، والعين الواحدة، ومسلة الشيطان، والمثلث، والفرجار، والمسطرة، والمقص، والرافعة، والنجمة السداسية اليهودية، والأرقام ثلاثة، وخمسة، وسبعة وغيرها من الرموز التي ترمز إلى الهيكل، وبناء الهيكل.

  إذاً ترتبط الماسونية ارتباطاً قوياً باليهودية، وبالأخص عبدة الشيطان. أما علاقتهم بالمسيحية فكانت المسيحية تحرم الدخول إلى الماسونية حتى أصدر البابا بولس السادس 1965م أمراً بإلغاء أي تحريم بدخول إلى الماسونية، بل أنه أصدر بياناً برى فيه اليهود من ذنب السيد المسيح، لأن المسيحيين كانوا يحملونهم ذنب السيد المسيح.

   وليصطادوا أكبر عدد من النخبة فأن لديهم عدة أوجه وأذرع، منها اندية الروتاري، ونوادي النخبة والاغنياء في الدول الأوروبية ومصر ولبنان، ونادي الليونز، وناي بيرث، والانتركت، والروتراكت.

   هنا نأتي إلى موقف العلماء المسلمين من الماسونية؛ ومنها موقف الأزهر الشريف، وهو التحريم من الدخول إلى الماسونية، باعتبارها منظمة كفرية تحارب الإسلام، وهو التحريم الذي أصدره كذلك المجمع الفقهي الإسلامي في جدة، ومؤتمر المنظمات
الإسلامية.

   وأخيراً نذكر قصة فشل سيطرة الماسونية، وكانت مع هتلر، الذي أدخل مئات الآلاف من اليهود في الأفران؛ فاحرقهم وقتلهم، وعمل معسكرات إبادة لليهود، وكان سبب هذه الجرائم، هو أن هتلر اكتشف أن سبب هزيمة المانيا في الحرب العالمية الأولى كان سببها اليهود، الذين ترأسوا الأحزاب، والصحف، والنقابات، والشركات، والبنوك في المانيا. فعمل على اكتساب معظم القاعدة الشعبية في المانيا، التي انضمت للنازية "الحزب القومي الألماني"، بعدها تم ترشيحه في الانتخابات، ولكي يفوز في الحرب العالمية الثانية قرر القضاء على اليهود.




تعليقات

المشاركات الشائعة