التوحيد والعقلانية في الفكر الاوروبي الوسيط

 


 

بيتر أبيلارد أنموذجًا

(1079- 1142م)

 

      مقدمة:

     أوروبا قارة صغيرة،كان لها تأثير كبير على تاريخ العالم، بدءًا من تأثيرات الحضارة اليونانية وفلسفتها، إلى الاسكندر المقدوني الذي غزا أصقاع واسعة من المعمورة آنذاك، حتى الاستعمار الحديث الذي أضاف إلى العالم ثلاث قارات جديدة، وبالطبع لم يسلم العالم من وطأة الاستعمار الأوروبي ونهب موارده . ولكن أوروبا العصور الوسطى تختلف عن السياق العام لتاريخ هذه القارة، حيث كانت لا تزال تتشكل قوميًا وسياسيًا، حتى استقرت بالهيئة التي نراها الآن، أما في الفترات السابقة تكاد تكون منغلقة على نفسها، بسبب هيمنة الفكر اللاهوتي الكنسي على الإنسان الأوروبي.

       وعلى الرغم من ذلك لم تكن العصور الوسطى ظلامًا دامسًا، بل كانت هناك "حضارة متوسطة"، وحراك فكري له سماته وظروفه، لكن ينبثق هنا سؤال هام وهو كيف نفهم أوروبا ؟ وهل مدخل التاريخ السياسي كافٍ لفهم هذه القارة وديناميكياتها وشعوبها وإنسانها؟ أم نحن بحاجة إلى توسيع المشهد لقراءة هذه القارة العجيبة، وفهم حقيقة تاريخها، وآثاره المتعددة على الحاضر والمستقبل. 

     من المؤكد أن التشكل الأوروبي الوسيط كان متعددًا في كل المجالات، سواء في السياسة-حتى برزت الدول المعاصرة أو الاقتصاد حتى ظهور الرأسمالية-أو في الفكر- حتى ظهور ما يسمى بالتنوير والفكر الحداثي وما بعد الحداثي-. [1] ولهذا من المهم أن نلقي الضوء على حركة الفكر الأوروبي ورواده، وطبيعة هذا الفكر والقضايا التي شُغل بها، والمعوقات والمشاكل التي أعاقت حركته نحو تحقيق فهم أفضل للعالم والكون والوجود، بل وللدين نفسه.

     نستطيع القول أن بيتر ابيلارد (1079- 1142مـ) يعتبر نموذجًا لأحد أهم رجال الفكر في التاريخ الأوروبي الوسيط، ومن رواد العقلانية المسيحية، التي كانت تحاول التوفيق بين العقل، واللاهوت الكنسي "اللامعقول"، والتوحيد الذي حاول استيعاب فردانية الواحد الأحد، بصيغ تتقبلها كنيسة العصور الوسطى، لكن– للأسف-بلا طائل، سوى عذابات مريرة لبيتر ابيلارد، ونفيه وعزله كما سوف نرى. لكن كان الرجل قد فتح على الكنيسة بابًا لا يمكن إغلاقه، وهو التساؤل المشروع، ومحاولات تحكيم العقل في النص "اللامعقول"، في فترة أطلق عليها نهضة القرن الثاني عشر، ليستمر هذا التطور الفكري، حتى وصلت أوروبا إلى ما وصلت إليه من نقيض رهيب في نبذ كلي للدين، وتقديس مطلق للعقل.


      أهداف البحث:

      يهدف البحث إلى معرفة جانب مهم من تاريخ الفكر الأوروبي في العصور الوسطى، وهو تحكيم العقل في النصوص الدينية، والعوامل المؤثرة والفاعلة في هذا الفكر، والقضايا التي شغلته، ومدى محاولاته التحرر من قبضة سلطة الكنيسة المسيطرة آنذاك.


      أهمية البحث:

      يعتبر بيتر ابيلارد سلف الفلاسفة العقلانيين اللاحقين له، وهذا يُظهر مدى أهمية هذه الشخصية في حقل الفكر والفلسفة، بل وفي تاريخ الكنيسة نفسها. والحقيقة أن ابيلارد حقق تقدمًا على هؤلاء الفلاسفة أنفسهم في قضية (نفي التعدد) في الإله الواحد. وعلى ذلك فدراسة مثل هذه الشخصية تساعد على فهم جوانب مهمة من التاريخ الأوروبي، وقواه الحقيقية الفاعلة فيه. كما يتمتع القرن الثاني عشر بأهمية تاريخية خاصة في التاريخ الأوروبي، حيث بدأت فيه بوادر تحولات فكرية كان لها امتدادات إلى المراحل التاريخية اللاحقة لها.


      الدراسات السابقة:

    للأسف لم يقف الباحث على دراسة تاريخية لبيتر ابيلارد، سوى بعض المتناثرات في بعض الدراسات الفلسفية، أمثال ما كتبه الدكتور عبد الرحمن بدوي في بعض دراساته الفلسفية.


      منهج البحث: 

      اتبع الباحث المنهج الوصفي لتحقيق أهداف البحث المعرفية، والإجابة على الأسئلة التاريخية الموضوعة.


       مصادر البحث:

      يمثل المصدر الرئيس لقصة حياة بيتر ابيلارد، ما كتبه عن قصة حياته ” قصة مأساتي”، التي كُتبت على الأغلب بين عامي (1132-1133م)، وهي مصدر تاريخي ثمين، وفرت الكثير من المعلومات عن سيرة حياته الشخصية، وصراعاته، ومأساته في قصة الحب التي أصبحت أحد أشهر القصص في التاريخ. وعلى الرغم من أن هناك العديد من النصوص التاريخية الخاصة ببيتر ابيلارد، إلا أنها لازالت تحتاج إلى فحص وتحقيق، لكن توفر كم لا بأس به من مؤلفاته، وبعض الدراسات عنها، ساعد الباحث في إنجاز هذه الدراسة.


      نظرة عامة على الأوضاع السياسية والفكرية في القرن الثاني عشر:  

    بعد انتهاء فترة غزوات الفيكنج على أوروبا الغربية في القرنين التاسع والعاشر الميلادي، بدأت فترة الاستقرار (السياسي والاجتماعي والاقتصادي)، الذي كان من أبرز مظاهره انهيار الإمبراطورية الكارولنجية، وقيام ممالك إقطاعية، ورسوخ النظام الإقطاعي. ثم مالبث أن ظهرت عدة عوامل ساعدت على ظهور نشاط فكري علمي سمي بـ "نهضة القرن الثاني عشر". من هذه العوامل ازدهار النشاط الاقتصادي والتجاري إلى حد ما بالمقارنة مع الفترة السابقة، وخاصة في شمال إيطاليا، وتوسع الأعمال المصرفية بما لم تعرفه أوروبا من قبل. [2] والعامل الثاني استفادة أوروبا من علوم العرب، خاصة التي وصلت من الأندلس، كذلك أسهمت الكنيسة إلى حد ما أيضا في هذه النهضة، من خلال الاهتمام بالكتب، والإنفاق على رحلات رجال الدين. وأخيرًا كان من أبرز عوامل النهضة الاستقرار الذي حصلت عليه أوروبا الغربية في القرن الحادي عشر، بعد انحسار موجات الفيكنج والهنغار. [3]

      ومن ناحية الأوضاع السياسية عاصر ابيلارد حكم أسرة (آل كابية)، التي تطورت من أسرة إقطاعية إلى ملكية إقطاعية، لا تملك الكثير من الحكم القوي والسلطات الفعلية، في ظل وجود الأمراء والكونتات الإقطاعيين الآخرين، الذين كانوا يحكمون فرنسا آنذاك. [4]

      وفيما يخص الحياة الفكرية، ساد الفكر المسيحي الكنسي، مع هيمنة اقتصادية وسياسية، بل وممارسة كل أنواع اللعن والطرد والنقمة على كل من يخالف تعاليم الكنيسة. ولهذا تركز عمل الفلاسفة في ذلك العصر على تقديم فهم مسيحي للقضايا المثارة آنذاك على قدر استطاعتهم، ومن ذلك تنبع أهمية دراسة فيلسوف متمرد مثل ابيلارد في التاريخ الأوروبي الوسيط.


      فلسفته ومعاركه الفكرية:

     تعلم أبيلارد الفلسفة والمنطق والجدل حتى صارت لديه ملكه الفيلسوف المنطيق، وعزز من قدراته ذكاءه الحاد وحافظته القوية وفصاحة لسانه. ومن الواضح أن أستاذه الأول "وليم روسلان" أثر فيه تأثيرًا قويًا، ويظهر ذلك في تأثر ابيلارد بخصوص "الكليات الفلسفية" التي تعارض فيها مع "وليم اوف شامبو". وكانت هي أولى معاركه الفكرية ،التي حققت له شهرة كبيرة، حاز منها على إقبال الطلاب عليه من معظم دول أوروبا آنذاك. كان وليم روسلان يقول بـ "المذهب الاسمي" الذي يري أن الماهيات أو الكليات، مثل: (الإنسان، والحجر، والشجر)، ليست سوى أسماء أو تسميات صوتية، فالإنسانية ليس لها وجود حقيقي، بل للأفراد، وبالتالي هو ليس للجنس أو للنوع. [5]

     وإلى هنا تبدو القضية مجرد فكر فلسفي، لكن عندما ينظر إلى اللاهوت المسيحي من منظور هذه النظرية يبرز الاختلاف وتظهر المشكلة، إذ أن روسلان أصبح يقول بأن الله ثلاثة وليس واحدًا، فمثل الإنسانية ليس لها وجود حقيقي، ولكنه لأفرادها، كذلك الحال مع الله، فكل أقنوم من الأقانيم الثلاثة التي تؤمن بها مسيحية بولس (الأب، والابن، والروح القدس) لها جوهر مستقل، وعلى ذلك لا يمكن القول أن الأب هو الابن. وبهذا جعل الأقنوم "جوهرًا" في حين كانت الكنيسة تفرق بينهما، ولهذا نظر إليه رجال الدين أنه صاحب بدعة. [6]

      أما وليم اوف شامبو فقد كان من أنصار مذهب الواقعية، وهو مذهب يرى أن للكليات (الإنسان، الحجر، الحصان…إلخ) وجودًا خارجيًا حقيقي، متأثرًا بفلسفة أفلاطون،  التي هيمنت على القرون الأولى من العصور الوسطى. فعند أفلاطون مرتبة وجود الأفراد أقل من مرتبة وجود الكليات، بينما عند أرسطو الكليات ليست سوى أسماء؛ أي تجريدات ذهنية، والوجود الحقيقي هو وجود الأفراد في الأنواع والأجناس. وأمام هذا الخلاف الفلسفي يتوسط أبيلارد موقفه بينهما، وإن كان البعض يعتقد أنه أقرب إلى (الأسميين)، حيث يقر أن الكليات هي تصورات موجودة في الذهن، وليس لها وجود في الواقع الخارجي. [7]

      على أنه في الحقيقة عارض أبيلارد الأسميين، فذكر أن الكليات تطلق على أفراد كثيرين، وعلى ذلك لا يمكن أن تكون مجرد كلمات، كما أنها لا تكون أشياء، لأن الشيء لا يطلق على الشيء، ولا يمكن للشيء الواحد أن يتواجد في أماكن متعددة، فيكون سقراط في أثينا وروما في وقت واحد. [8] كذلك لا يمكن للكليات أن تكون مجرد أصوات، ولكن للفظ صفته الكلية عندما يكون في داخل قضية، فالكلي هو القضية، واللفظ يكون كليًا باعتباره جزاءً منها. ومن خلال هذا المفهوم فقط يمكن القول أن اللفظ يصح أن يكون كليًا لارتباطه بالكلي، والرابط الذي هو وصل بين شيء وآخر ليس مجرد لفظ، بل تعبير عن وجود حقيقي، يتكشف عن طريق "الطبيعة الخارجية". وعلى ذلك فأبيلارد خالف الأسميين في أن الروابط ليست مجرد ألفاظ ذهنية، كما أنه لاحظ ضد الواقعيين أن الكليات هي روابط. [9]

      ظهر تأثر أبيلارد بأفلاطون في قضية الكليات واضحًا عندما أشار أن الروابط كانت موجودة وجودًا سابقًا في ذهن الله قبل وجود الأشياء، كما أنها لاحقة على الأشياء، على أن هذه الكليات موجودة بالفعل في الجزئيات، ولا تدرك إلا كونها أفرادًا جزئية، سواء إدراكًا حسيًا أو عقليًا. [10]

      وهكذا اعتقد أبيلارد أنه جمع أو وفق بين الأسميين والواقعيين، ليتبلور بعد ذلك على يد بعض الفلاسفة الأفلاطونيين مذهب جديد هو "مذهب التصوريين". [11]  والحقيقة أن هذا النزاع الفلسفي كان ذو أثر كبير على مفاهيم العصور الوسطى، من حيث مفهوم علاقة الإنسان بالله، وحول تحديد طبيعة الكنيسة، والعلاقة بين العلم والعقيدة. [12]

     هذه كانت مساهمة أبيلارد في قضية فلسفية شغلت الأوساط الفلسفية الأوروبية آنذاك, حاول فيها ألا يكون مقلداً والتوفيق بين المذهبين المختلفين, لكن المساهمة الحقيقية لأبيلارد في عالم الفكر والذي به أعتبره البعض رائد العقل وسلف الفلاسفة العقلانيين أمثال كانت، [13] هو في تأسيس النزعة العقلانية في قراءة النصوص الدينية؛ ومن بداية مؤلفاته في هذا كتاب (نعم ولا) Sic et non والذي يرجح أنه كتبه في عام 1120م, وفيه كما ذكرنا سابقاً أورد نصوص الكتاب المقدس وأقوال أباء الكنيسة ثم ما يعارضها أو يناقضها من الكتاب المقدس وأقوال الآباء أيضاً، وشمل (157) سؤالا في عمودين متقابلين. هكذا ظهرت الآراء المتناقضة للكنيسة ونصوصها في مختلف القضايا الدينية، وهنا يبرز أبيلارد مسببات هذا التضارب إلى عدة احتمالات: أولها تزوير أقوال أباء الكنيسة والكذب عليهم. وثانياً: أخطاء نقل نصوص الكتاب المقدس, وظهر ذلك على سبيل المثال جلياً في اختلاف الأناجيل حول الساعة التي صلب فيها المسيح. [14] ولهذا دعا أبيلارد إلى تحكيم العقل والمنطق في الأخذ بهذه النصوص والقبول بها، ومحاولة التوفيق بين ما تناقض منها بالعقل. [15] وذلك أن من الخير للإنسان أن يستطيع أن يثبت دينه بالاعتماد على العقل. مشيرًا إلى أن أول مفاتيح الحكمة هو المثابرة على الأسئلة وتكرارها, لان الشك يؤدي بنا إلى البحث والبحث يوصلنا إلى النتيجة. [16] هكذا سبق أبيلارد فلسفة الشك لدى ديكارت Descartes (ت1650[17]  بأربعمائة عام، هذا بالنسبة للحضارة الأوربية، أما بالنسبة للمسلمين فإن أبو حامد الغزالي (ت550ه) سبقهما . [18]

      كان أبيلارد يؤكد تمسكه بأصول الدين المسيحي إلا أنه تعرض بالجدل لمسائل مثل: الإرادة الإلهية والإرادة الحرة, و وجود الشر والخطيئة في عالم خلقه إله خير قادر على كل شيء.

      كانت ميزة هذا الكتاب في نوعية الأسئلة التي طرحها, مثل هل ينقسم الله إلى ثلاثة أقسام أم لا ؟ وهل هناك شيء يحدث ضد إرادة الله، وهل الله خالق الشر أم لا؟ وهل يمكن لأحد أن يؤمن بالله وحده أم لا ؟ [19]

     وأسئلة مثل هذه في ظل سيطرة اللاهوت اللاعقلاني في العصور الوسطى تعتبر خطوة كبيرة نحو تحكيم العقل والمنطق والتفكير في مسائل يعتبرها رجال اللاهوت من المحرمات. وفلسفة أبيلارد الأساسية في العقل تقوم على القول أن الحق لا يمكن أن يناقض الحق وأن حقائق الكتاب المقدس يجب أن تتفق مع مكتشفات العقل, وإلا لكان الله الذي خلق هذه وتلك يخدعنا بإحداهما. [20]

    كان هذا الكتاب من الخطورة الفكرية آنذاك والانفتاح العقلاني جعل تلاميذ أبيلارد يتداولونه سراً فيما بينهم, ولم يظهر إلى العلن إلا عام 1836م.

      ثم كتب عن وحدة الإله والتثليث ، وهو موضوع كان المفكرون الغربيون يتجنبونه دائما، [21] وفيه أكد أيضاً أهمية القراءة العقلية للدين حيث لا شيء يمكن تصديقه (الإيمان به) إلا إذا أمكن فهمه أولاً. ومن أسخف الأشياء كما يذكر أن يعظ الإنسان غيره بشيء لا يستطيع هو نفسه أن يفهمه ولا يستطيع من يسعى لتعليمهم أن يفهموه, كما أشار في هذا الكتاب الذي حقق انتشاراً واسعاً أن توحيد الله هو الموضوع الوحيد الذي يتفق عليه أعظم الأديان وأعظم الفلاسفة. [22] هكذا كان أبيلارد يؤمن برب واحد عالم خير قادر، وأحال الثلاثة الأقانيم (الأصول) التي قال بها بولس إلى أقنوم واحد أو جوهر واحد لكنه متصف بثلاث صفات هي القدرة والعلم والخير. [23] أو القدرة والحكمة والحب كأعراض للجوهر القدسي الواحد، كما أن جميع أفعال الله تتضمن في الوقت نفسه قدرته وكلمته وحبه. و رفض بقوة ادعاء ان الله ولد الله ، إذ لا يوجد سوى إله واحد فقط.” I denied that God had begotten Himself, since there was only one God”.[24]

      هكذا حكم أبيلارد العقل في النص, حتى توصل إلى أن الله لا يستطيع أن يفعل شيئاً غير ما فعل ولا أحسن مما فعله عليه, ورغم ما في هذه العبارة من سوء أدب مع الله إلا أنه يبرر ذلك بحجتين, الأولى: إن الله كان قادراً على فعل أي خير أراد, فيكفي أن يقول له كن فيكون, وعلى ذلك سيكون الله ظالماً إذا لم يفعل أكبر خير كان في مقدوره فعله. والثاني: أن الله لا يفعل شيئاً إلا لسبب كاف وجيه, ولهذا لم يصنع الله إلا كل ما هو ملائم وحسن, وعلى ذلك فالعالم هو أفضل عالم ممكن وهو كل ما أستطاع الله صنعه. [25].

     ثم أعاد كتابة الدين المسيحي Theologia Christiana ، الذي ناقش فيه قضية وجود الشر في العالم أمام خيرية الله عز وجل، وحكمة ذلك، [26] وفيه تم ذكر فلاسفة اليونان الوثنيين بشيء من الاحترام بل والثناء عليهم, وأن أفلاطون على سبيل المثال كان لديه شيء من الإلهام الإلهي, كما وضح أبيلارد رأيه أنه لا يمكن لكل هذه العقول الكبيرة أن يفوتها الخلاص وأسباب النجاة, لأن الله يفيض بحبه على جميع الناس بما فيهم اليهود والكفار. [27]

ثم حدد موقفه بأسلوب التعامل مع الملحدين, حيث ذكر أنه يجب أن يردوا إلى الإيمان بأسلوب العقل والمنطق لا بالعنف والتعنيف, مستمراً في تحكيم العقل في قضايا الدين, إذ أن الذين يدعون إلى الإيمان بلا فهم إنما يحاولون تغطية عجزهم عن أن يعلموا الدين تعليماً يدركه العقل.[28]

      وفي كتابه (حوار بين فيلسوف ويهودي ومسيحي)، [29] يستعرض سجال متخيل مع الثلاثة، حيث يطلبون منه أن يفصل في نزاع قائم بينهم، فقال اليهودي والمسيحي أنهم مؤمنون بالله، ويقبلون ما جاء بالكتب العبرية المقدسة، أما الفيلسوف فيرفضها، لأنه يريد أن يعيش حياته ومبادئه الأخلاقية على أساس العقل والقانون الطبيعي، ويعتبر التمسك بـ "عقائد الطفولة"، ودخول الجحيم لمن لا يقبلها مجرد هراء، وهو يرمي اليهود بـ "البلاهة"، والمسيحي بـ "الجنون". أما اليهودي يرى أن الناس لا يستطيعون الحياة بغير القوانين، إذ أن الله أنزل على الناس دستورًا للأخلاق الفاضلة، وتعاليم التوراة هي التي أبقت على أخلاق اليهود وشجاعتهم خلال ما تعرضوا له من المآسي والشتات لقرون طويلة، على أن الفيلسوف لا يقتنع بكلام اليهودي، فيسأله مجادلًا: كيف إذن عاش آباؤكم معيشة نبيلة قبل أن يبعث موسى وشرائعه بزمن طويل ؟ ثم كيف تؤمنون بوحي يعدكم بالنعيم في الدنيا، ومع هذا ترككم تقاسون آلام الفاقة والبؤس. [30]

     يحاول المسيحي أن يبدو أكثر كياسة، فيقبل الكثير مما قاله الفيلسوف واليهودي، لكنه يقول: إن المسيحية نمت، وأكملت شريعة الفيلسوف الطبيعية، وشريعة اليهودي الموسوية، وأنها قد سمت بمثل الإنسانية العليا، إلى درجة لم تسم إليها من قبل، إذ أن الفلسفة واليهودية وهبت الإنسان السعادة السرمدية.  ولم ينته أبيلارد في هذا الحوار إلى غاية محددة. [31]

      أما في فلسفة الأخلاق فإن أبيلارد في كتابه (أعرف نفسك) Scito te ipsum أعطى للنية الأهمية الكبرى في الحكم على الأعمال، إذ أن الله يحكم على الناس في أفعالهم على حسب نياتهم، بعكس الناس الذين يحكمون على الأفعال، ولا يعاقبون الخطايا بقدر ما يعاقبون الأعمال، ولذلك لا يتبعون المعيار الإلهي الموضوعي في الحكم. [32] لذا مهما كان العمل "حتى القتل" لا يعد خطيئة في ذاته، على سبيل المثال، الأم التي حاولت أن تدفئ طفلها فاحتضنته حتى الاختناق والموت بدون علم أو قصد منها، فيعاقبها القانون حتى تكون عبرة لغيرها، بينما هي بريئة عند الله. [33] وعلى ذلك فالخطيئة هي مخالفة للضمير الأخلاقي عند الفرد نفسه، وليس عند ضمير غيره، ولهذا لم تعتبر جريمة قتل الرومان للمسيحيين الأوائل إثمًا، لأنهم كانوا يفعلون ما يمليه عليهم الواجب والأخلاق تجاه معتقداتهم، وحماية لدولتهم. [34]  بل أنهم رَأوا أن عدم ارتكابهم لذلك  إثمًا أكبر. [35]

     كانت هذه النظرية صادمة للعقيدة المسيحية من حيث نسفها لعقيدة الخطيئة من أساسها، ولهذا كانت هناك (6) فقرات، من (16) فقرة  أدين بها أبيلارد سنة 1141م، أخذت من هذا الكتاب. [36]


      خاتمة:

     آمن أبيلارد بقضية واحد في ثلاثة، أو ثلاثة في واحد، مع تنزيه الله عن الولادة، إلا أنه بالنسبة لفكر وروح العصور الوسطى أعتبر مجددًا وداعية إلى العقل وتصحيح المفاهيم "اللاعقلانية"، وذلك رغم الخطورة التي شكلها التعرض للدين آنذاك. وإذا كان مؤرخو العصور الوسطى انقسموا إلى قسمين؛ التنويريون، الذين يقولون بإنقطاع حضاري بين العصور الإغريقية والرومانية القديمة، وعصر النهضة، وقسم آخر يقول أن ديناميكية الفكر الأوروبي لم تنقطع، وحضارته مستمرة، وإن كان بمستويات مختلفة، فإن هذه الدراسة ترجح إلى حد ما القول التاريخي باستمرار الحضارة الأوروبية، وأن عصورها متداخلة حضاريًا بشكل كبير لا يمكن إنكاره، حيث لم تخل  من فكر مستنير، يتمتع بمهارات جدلية عالية. 

      لم يكن أبيلارد مدرسة فلسفية مستقلة بذاتها، ولكنه كان معلمًا من الطراز الأول، وناقدًا ومجادلًا، وعلامة بارزة في تاريخ الفكر الأوروبي. اتسمت حياته الشخصية بتجربة إنسانية غنية، مكنته من التحليق عاليًا في مجال الفكر واللاهوت المسيحي، بعد أن تجرد من علائق الدنيا. فتمكن من تحقيق إنعاش نسبي في الحياة الفكرية الأوروبية في العصور الوسطى وفي أن يثير الأسئلة في قضايا مهمة حول اللاهوت المسيحي، لم  يجرؤ أحد على طرحها وإبداء الرأي فيها.

      على أنه يبرز سؤالًا فلسفيًا وهو هل حكمت تاريخ أوروبا الفكري حركة الجدل الهيجلي؟ إذ أن التحولات توالت في أوروبا حتى وصلت إلى ما صارت إليه؛ من أوربا النصرانية الرهبانية المتزمتة في العصور الوسطى، إلى أوروبا المادية في العصر الحديث، التي تجردت كثيرًا من التعاليم الروحية، وغلب عليها في الحياة الشخصية الإيمان باللذة والمنفعة المادية، وبالحياة الاقتصادية الرأسمالية المتوحشة.  والحقيقة أن دراسات منهج القياس التاريخي أثبتت الحركة الجدلية لتاريخ الفكر الأوروبي، فمنذ عام 540 ق. م وحتى عام 1900م، كشف على أنه إذا سادت فلسفة معينة لدى جيل-مثل الاعتقاد بالنزعة التجريبية--يليه آخر تسود فيه النزعة التشككية، أو الفلسفة الواقعية، فيأتي الذي بعده بـ "النزعة الاسمية"، وهكذا. [37] كما تشير دراسات تاريخ اللاهوت المسيحي إلى حركة الجدل هذه، خاصة حول طبيعة السيد المسيح. [38]


      الحواشي والهوامش:

      [1]. الحداثة: تدعو إلى سيطرة العقل وتحكيمه، أما ما بعد الحداثة فيدعو إلى التحرر من هيمنة العقل ( للمزيد أنظر؛ الحداثة وما بعد الحداثة، تحرير: صالح أبو أصبع ومجموعة، عمان 2000م. وفي نقد ما بعد الحداثة، أنظر: شادية دروري: خفايا ما بعد الحداثة، ت: موسى الحالول، اللاذقية 2006، ص233 وما بعدها).

      [2]. سعيد عاشور: تاريخ أوروبا في العصور الوسطى، القاهرة 1986، ج 2، ص90-98.

      [3]. سعيد عاشور: أوروبا في العصور الوسطى، ص 2 /98، 99.

      [4]. عبد القادر احمد اليوسف: العصور الوسطى الأوروبية، بيروت 1968، ص 190 وما بعدها.  في البداية تركز حكم آل كابية في باريس وما حولها كإمارة إقطاعية صغيرة، في وقت كان هناك بعض صغار الأمراء الإقطاعيين، الذين لم يعترفوا بالملكية، فشيدوا القلاع والحصون، تحديًا لملوك (آل كابية)، الذين توسعت سلطتهم تدريجيًا. وعاصر بيتر ابيلارد من ملوكهم كلًا من لويس السادس (1108-1137م)، ولويس السابع (1137-1180م). وهما الملكان اللذان تمكنا إلى حد ما من تقوية الملكية الفرنسية، وتعزيز هيبتها واستقرارها أمام أمراء الإقطاع الآخرين ( عبد القادر احمد اليوسف: العصور الوسطى الأوروبية، ص 190 وما بعدها؛ سعيد عاشور: أوروبا في العصور الوسطى، ص 1/248 وما بعدها، بتصرّف).

     [5]. عبد الرحمن بدوي: فلسفة العصور الوسطى، ص 63، 64، رسل، برتراند: حكمة الغرب. الكويت 1983، ص 289، كانتور: التاريخ الوسيط، ص 452.

      [6]. عبد الرحمن بدوي: فلسفة العصور الوسطى، ص 63، 64، يوسف كرم: تاريخ الفلسفة الأوروبية (فلسفة العصور الوسطى)، ص 81، Ernst, original and influence, p33.

      [7]. عبد الرحمن بدوي: فلسفة العصور الوسطى، ص 61، 62.

    [8]. عبد الرحمن بدوي: فلسفة العصور الوسطى، ص 82، king, P, Metaphysics of Peter Abelard, in The Cambridge Companion to Peter Abelard Cambridge 2004. pp 65ff.z، 

 Gill, H S, The Abelardian Tradition of Semiotics – in: Signs and Signification. Vol. I. Edited by Harjeet Singh Gill and Giovanni Manetti, New Delhi: Bahri Publications 1999, pp. 35ff.

     [9]. عبد الرحمن بدوي: فلسفة العصور الوسطى، ص 83،

Spade P.V, History of the problem of universals in the middle ages: notes and texts, New York 1995, pp19ff

     [10]. لم يكن ابيلارد فقط متأثرًا بأفلاطون، بل انتقد أيضًا معالجة أرسطو للأسم والفعل فقط، وتجاهله لحروف الجر في قضية الفلسفة الاسمية. (أنظر؛ 

Jacobi ,K, Peter Abelard’s investigations into the meaning and functions of the speech sign, est. in: the logic of being: historical studies, Dordrech, 1986, p146. ونستطيع ملاحظة انه لم تكن كل أعمال أرسطو مترجمة إلى اللاتينية حتى ذلك الوقت مما يضعف التأثر به ( انظر؛ Clanchy M Y, Abelard. A Medieval Life, Malden, Blackwell, 1997, p. 98 ).

      [11]. عبد الرحمن بدوي: فلسفة العصور الوسطى، ص 83، 84. تأثر فكر الفلاسفة والمعتزلة في الإسلام بالخلاف والكلام في قضية الكليات، والتي وصلت إليهم عبر الفلسفة اليونانية، ثم انتقلت هذه القضية إلى الفكر الأوروبي الوسيط، (أنظر على سبيل المثال: عبد الدايم أبو العطا الأنصاري: أهداف الفلسفة الإسلامية. [ب. د]، القاهرة، ص31). والجدير بالذكر من الجانب التاريخي أن هذه الإشكالية الفكرية تواجدت بصيغ مختلفة في الفلسفة الصينية القديمة، وهي أقدم من الفلسفة اليونانية نفسها (أنظر: روزنتال م، يودين ب: الموسوعة الفلسفية، ت: سمير كرم، بيروت 1985م، ص 340).

      [12]. كانتور: التاريخ الوسيط، ص 450.

     [13]. إيمانويل كانت (1724–1804): فيلسوف ألماني أثر في الفلسفة حتى القرن الواحد والعشرين. نشر أعمالًا هامة عن نظرية المعرفة، وأخرى متعلقة بالدين والقانون والتاريخ. وأكثر أعماله شهرة "نقد العقل المجرد" الذي كان بحث واستقصاء عن محدوديات وبنية العقل نفسه (ويكيبيديا، امانويل كانت).

     [14].  Tierney, B, ed, Great Issues in western Civilization, vo1, new York, 1972, pp412-414; Bainton, R, ed., The Medieval Church, Princeton, 1962, pp129- 130

      [15]. من أوجه التشابه بين تاريخ الفكر الأوروبي وتاريخ الفكر الإسلامي إشكالية تحكيم العقل في النص الديني، وديناميكية الصراع المستمر بين أنصار العقل وأنصار النص، حيث مثل المعتزلة أنصار العقل، بينما كان الحنابلة أنصار النص، ثم ظهر الاشاعرة الذين حاولوا التوفيق بين العقل والنص (أنظر على سبيل المثال؛ عبد الحليم محمود: الإسلام والعقل. [ب. د]، القاهرة، ص7، وما بعدها، بتصرّف).

      [16]. Starnes K.M, Peter Abelard, his place in history, New York 1981,pp56,56

    [17]. رينيه ديكارت: فيلسوف، ورياضي، وفيزيائي فرنسي، لقب بـ "أبو الفلسفة الحديثة"، وكانت الكثير من الخطابات الفلسفية الغربية التي جاءت من بعده، انعكاسات لأطروحاته، التي ما زالت تدرس حتى اليوم، بشكل خاص كتاب (تأملات في الفلسفة الأولى-1641م). ويعد ابرز رواد العقلانية في القرن17م، وهو صاحب المقولة الشهيرة: "أنا أفكر، إذن أنا موجود" (عبد الرحمن بدوي: موسوعة الفلسفة، ص 1/80، بنصرّف).

    [18]. أنظر؛ الغزالي، محمد بن أحمد (ت505هـ): المنقذ من الضلال والموصل إلى ذي العزة والجلال، تحقيق: جميل صليبيا؛ وكامل عياد، بيروت 1988م، ص83 وما بعدها، بتصرّف. يقول الغزالي: "إذ الشكوك هي الموصلة إلى الحق، فمن لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر، بقي في العمى والضلال" (أنظر: ميزان العمل. [ب. د]، ص68). وأظهرت إحدى الدراسات التطابق الكبير بين  نصوص الغزالي، ونصوص الفيلسوف ديكارت في فلسفة الشك ( أنظر؛ محمد حمدي زقزوق: المنهج الفلسفي بين  الغزالي وديكارت، القاهرة 1973، ص12 وما بعدها، بتصرّف).

      [19]. ديورانت: قصة الحضارة، ص17/373، بتصرّف.

      [20]. .Abelard, Historica Calamitatum, p27

      [21]. كانتور: التاريخ الوسيط، ص 454.

     [22]. عبد الرحمن بدوي: فلسفة العصور الوسطى، ص 83،  Abelard, Historica Calamitatum, p27.

     [23]. عبد الرحمن بدوي: فلسفة العصور الوسطى، ص 83.

     [24].  .Abelard, Historica Calamitatum, p28

    [25]. Marenbon, Philosophy of Peter Abelard ,pp 216ff، عبد الرحمن بدوي: فلسفة العصور الوسطى، ص 1/ 91، بتصرّف. يُنسب إلى الإمام الغزالي قوله: "ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم، لأنه لو كان كذلك ولم يخلقه لكان بخلًا يناقض الجود وظلمًا يناقض العدل". وعلى ذلك يكون الغزالي سبق أبيلارد، على أن الأول كان مؤدبًا مع الله في صياغة عباراته وعرض فكرته. كذلك ينسب هذا القول إلى بعض المعتزلة. وقد أشكل هذا القول على بعض الفقهاء فهاجموا الإمام الغزالي، إلا أن المرتضى الزبيدي قدم شرحًا عنه مدافعًا عن الغزالي. (أنظر؛ إحياء علوم الدين. [ب د]، بيروت، ج4، ص258، محمد بن محمد الغزالي (ت505هـ): الأربعين في أصول الدين. [ب. د]، ص 245. أنظر أيضًا: الغزي، نجم الدين محمد بن محمد (ت1061هـ): الكواكب السائرة في أعيان المائة العاشرة. [ب. د]، ج1، ص71، ابن عجيبة، أحمد بن محمد (ت1224هـ): إيقاظ الهمم شرح الحكم. [ب. د]، ص 36، المخبي، محمد الحموي (ت 1110هـ): خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر. [ ب. د]، ص 612).

     [26].  Marenbon, The Philosophy of Peter Abelard, p p 233ff

     [27]. ديورانت: قصة الحضارة، ص 17/377، في النقد المسيحي لهذا الطرح (أنظر؛ McMahon, K, Penance and Peter Abelard’s Move Within, in: The Saint Anselm Journal 6.2 (Spring 2009).pp2-6).

     [28]. Grane. L, Peter Abelard philosophy and Christianity in the middle ages, London 1970, pp93f

     [29]. حاول بعض الباحثين اليهود إثبات تأثر ابيلارد بالتفسير التوراتي اليهودي، لكن لم يقدموا سوى إشارة إلى مراسلة بينه وبين هيلويز، لم تكن مقنعة من الناحية العلمية(أنظرMews, C and Perry, M, Peter Abelard, Heloise and Jewish Biblical Exegesis in the Twelfth Century, in The Journal of Ecclesiastical History, Vo 62, January 2011, pp3-19).

    [30].  Abelard, P, A dialogue of philosopher with a Jew, and Christian, translator: Pierre Payer, Oxford 1979, pp 11 ff

    [31]. يعتقد بعض الباحثين أن الفيلسوف كان مسلمًا، وأن أبيلارد أظهر مودة أكثر مع الإسلام (أنظر: King, Dictionary, Vol. 115 p13).   

     [32]. عبد الرحمن بدوي: موسوعة الفلسفة، ص 1/ 91،92، بتصرّف. McMahon, Penance and Peter Abelard’s Move Within,pp2-4.

      [33]. ديورانت: قصة الحضارة، ص 17/384.

    [34]. Abelard, Peter, ethics, or know theself, translated from Latin by Edward Rand, Oxford 1980,  pp 188ff; Williams, P, the moral philosophy of Peter Abelard, New York 1980, pp68ff

      [35]. Marenbon, The Philosophy of Peter Abelard ,p p 251-26

 اعتبر ابيلارد أن الذنب الحقيقي هو الاستهانة بالله عز وجل، بينما التوبة في حبه، ولابد للعائد لله من ثلاثة أمور، هي: التوبة، والاعتراف، والرضا (أنظر؛ McMahon, Penance and Peter Abelard’s Move,p2-4).

      [36]. ديورانت: قصة الحضارة، ص 17/385.

      [37]. سايمنتن، دين كيث: العبقرية والإبداع والقيادة. الكويت 1993، ص69-73.

     [38]. أنظر على سبيل المثال؛ جيبون، ادوارد: اضمحلال الإمبراطورية الرومانية وسقوطها، ت: محمد سليم سالم، القاهرة 1997، ج 3، ص 329.


تعليقات

المشاركات الشائعة