الشيخ كمال عبد الله عمر باهرمز
السيد
الفاضل الدكتور المؤرخ البحاثة الأديب محمد حسين الصافي أستاذ التاريخ بجامعة صنعاء.
إنه رجل بأمَّةٍ، صدقاً وحقاً. عرفته منذ أكثر من عشرين عاماً، فرأيت شخصاً سهلاً،
ليناً، متواضعاً، مفكراً، مؤرخاً، محباً للقراءة بشغف، بشوشاً، محباً للخير وأهله وهو
منهم. تجده يسارع الى تصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة عند الكثير من الشباب، بصدر
رحب، ودماثة أخلاق، وسعة أفق.
السيد محمد حفظه الله ورعاه واطال عمره في طاعته
ورضاه.
كنا نجلس معه في صنعاء جلسة أسبوعية، تعقد في
عصر كل جمعة، وتنتهي بصلاة العشاء، وكانت تتنقل في بيوت بعض الأحباب؛ في منزل السيد
الدكتور محمد الصافي، ومنازل السادة الكرام الحبيب عبد القادر بن عقيل، والحبيب حسين
الجفري. والسيد عبد الله حسين الصافي (شقيق السيد محمد)، ومنزل السيد محمد المحضار،
ومنزل السيد محمد المؤيد، ومنزل الشيخ أحمد باوزير (رحمه الله تعالى)، ومنزلي، وكذا
في مسجد ودار الصفا (فرع دار المصطفى)، وغير هذه البيوت من بيوت بعض الأحباب والمحبين.
وكانت أيام جميلة لا تنسى.
نقرأ في الجلسة سيرة سيدنا رسول الله محمد ﷺ
وآله، ونقرأ في كتب الإمام قطب الدعوة والإرشاد الحبيب عبد الله بن علوي الحداد، وكذا
في كتب شيخنا الحبيب المفكر الإسلامي الكبير الإمام المربي الدكتور ابي بكر العدني
المشهور؛ الموجه العام لأربطة التربية الإسلامية ومراكزها التعليمية والمهنية، ورئيس
جامعة الوسطية الشرعية والعلوم الإنسانية (حفظه الله ورعاه)، وكتب شيخنا الأمام الحبيب
المربي عمر بن محمد بن سالم بن حفيظ، عميد دار المصطفى بـ(تريم) حفظه الله ورعاه، وغيرها
من الكتب. ثم نعلق نحن والسيد محمد أو بعض الدعاة على بعض هذه الكتب، أو نطرح بعض الأفكار
ونناقشها.
وكان غالبًا ما يطرح لنا السيد محمد قضايا متعلقة
بتصحيح التصوف ونظرة الناس إليه، ووجوب بيان حقيقته الشرعية، القائمة على كتاب الله
وسنة رسوله ﷺ،
والذي يوصل إلى مقام الإحسان (أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه، فإنه يراك)،
وكذا يطرح الكثير من القضايا التاريخية، ويذكر دائمًا الفوائد التي قرأها في كتب بعض
العلماء والمفكرين الإسلاميين، مثل: الإمام بديع الزمان النورسي، وأبو الأعلى المودودي،
وأبو الحسن الندوي (رحمهم الله تعالى).
عقدت ايضًا في الجلسة دروسًا في الفقه الشافعي،
ويعلق عليها ويشرحها شيخنا الحبيب المتواضع الفقيه عبد القادر بن عقيل (نزيل مكة) حفظه
الله ورعاه. وهذه الجلسة التي تعقد في صنعاء كل جمعة لها منذ أن أنشئت كما علمت أكثر
من خمسين عاماً، وحضرها عدد كبير من العلماء والأولياء والصالحين، كما كان من القائمين
عليها في فترة سابقة السيد الفاضل الكريم ابن الأكارم الحبيب الدكتور احمد الحبشي (حفظه
الله) وغيره من الحبايب والأحباب. ونسأل الله تعالى دوامها.
قرأت للسيد الفاضل الدكتور محمد كتابًا جميلًا
حول الوحدة اليمنية على مر العصور، وذكر فيه فوائد لم أجدها من قبل، وعملت من هذا الكتاب
محاضرات ودروس وندوات في تلك السنوات لأهميتها.
واهداني كتابه القيم (انهيار الرأسمالية) فوجدته
كتاباً عظيماً، لشخص عظيم. وبحوثه ومؤلفاته كلها نافعة بحمد الله تعالى.
كما كان يدعونا ويتحفنا بالندوات التي كان يقيمها
في (جامعة حضرموت)، كما أنه عمل معنا محاضراً في (المعهد العالي للتوجيه والإرشاد)
أثناء إقامتي في صنعاء تقريبًا بين عامي 2013 و2014.
والخلاصة أن السيد الدكتور محمد حسين الصافي حفظه
الله رجل مرتبط بمدرسة حضرموت العالمية، وهو من رجالها. وهذه المدرسة أساسها وقواعدها
(العلم، والعمل، والإخلاص، والورع، والخوف من الله والدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة)
والتي نشرت الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها. فالمسلمون في شرق آسيا وشرق افريقيا وغيرها
من دول العالم وهم أكثر المسلمين عددًا في العالم دخلوا الاسلام على يد بعض علماء حضرموت،
الذين كانت اخلاقهم تتكلم قبل السنتهم، بمنهج السلام والمحبة والوئام. مدرسة حضرموت
التي ينتمي إليها السيد محمد قائمة على التيسير لا التعسير، والتبشير لا التنفير والموازنة
بين الترغيب والترهيب، والتمسك بكلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة بين جمع الناس على القواسم
المشتركة، والى حفظ اللسان من الذم واليد من الدم، والقلب من الهم، وإلى أتباع سيدنا
محمد ﷺ
بالفم والهم والقدم، على منهج رجال النمط الأوسط.
مدرسة حضرموت لم ولن تشارك في الفتن، لأنها تعرف
كيف تتعامل معها من خلال علم (فقه التحولات)، وسنة المواقف، وغيره من العلوم الموجودة
في هذه المدرسة العالمية.
هذا هو السيد محمد كما عرفته. حفظك الله اخي
وصديقي المتواضع البشوش السيد الكريم ابن الأكارم وادام الله النفع بكم ظاهرًا وباطنًا
دنيا وآخرة، وجمعنا الله على خير، وفي خير ولطف وعافية.
وسامحونا أن قصرنا في حقكم، إنما كما قيل (ما
لا يدرك كله، لا يترك جله).
وسلام عليكم دائمًا وابدًا.
تعليقات
إرسال تعليق