علماء التزكية ودورهم العلمي والدعوي مقال مجلة الحكمة

 


علماء التزكية والتربية ودورهم العلمي والدعوي

في عهد الدولة الرسولية

القرن 7-9هـ/13-15م تقريبا

 

 

 

 

 

 

د/ محمد حسين الصافي

أستاذ تاريخ العصور الوسطى المساعد

كلية الآداب – جامعة صنعاء

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مقدمة

 

   شهد عصر الدولة الرسولية وعاصمتها تعز نهضة علمية وحضارية في مختلف نواحي الحياة ، حتى كانت مركز من مراكز الحضارة الإسلامية آنذاك ، كما أصبح ذلك معلوما عند الباحثين ، على أن هناك علما من علوم الدين لم يحض حتى الآن بالدراسة الكافية لإظهار ومعرفة دوره العلمي والدعوي . سواء سلبا أو إيجابا . ذلك هو علم تزكية النفس الإسلامي، أو ما عرف باصطلاح علم التصوف[1].

  بل يشعر القارئ المنصف أن هناك إهمالا وتهميشا متعمدا لمعرفة ودراسة تاريخ التصوف ودوره في المجتمعات العربية والإسلامية ، بعيدا عن المواقف المسبقة. وسواء يتفق الباحث مع التصوف وأطروحاته أو يختلف فإن الأمانة العلمية تقتضي كشف جوانب دور رجاله علميا واجتماعيا ، بل وحتى سياسيا ، خاصة عند شيوع أحكام غير علمية على هذا العلم وأصحابه . مثل أنه انسحابي غير فاعل وغير مؤثر في المجتمع ، أو أنه مجرد دروشة وشعوذة . أو ان أصحابه هم أصحاب مقولة وحدة الوجود ( التصوف الفلسفي) ، دون فهم وتمييز ودراسة وافية وأمينة لهذه القضية . وبهذا فإن هدف هذا البحث الصغير هو إلقاء الضوء على علماء التزكية (التصوف) ودورهم العلمي والدعوي في عهد الدولة الرسولية.

هذا من جانب ومن جانب آخر تعد قراءة سير الصالحين وأفذاذ الرجال من الرسل والأنبياء والمؤمنين أسلوب تربوي راقي في إعداد وتهيئة أجيال الأمة للنهوض بواجبهم الفكري والاجتماعي وحتى الاقتصادي، وهو منهج قرآني متبع. حيث بهذا يتحقق أحد أهداف دراسة التاريخ ، الهدف التربوي .

وهنا تكمن أهمية إعادة نشر وبعث بعض تراجم رجال الإسلام، ولو بمجرد عرض النص التاريخي للترجمة، لأن هؤلاء هم قدوة الأجيال الصاعدة فلا يمكن تربية الشباب دون معرفة قدوتهم من السلف الصالح، ولهذا لا يمكن ظهور خلف صالح إلا بالارتباط المعرفي والقلبي والتربوي بالسلف الصالح المتصل عبر سلسلة السند إلى رسول الأمة الحبيب المصفى صلى الله عليه وسلم، النبي الأمي الذي علم البشرية فهداها إلى طريق الله، طريق الحق والنور.

وبسبب عدم معرفة الخلف للسلف تشوهت معارفنا وانحرفت بنا تيارات الشرق والغرب مما سبب خطر حقيقي لاقتلاع هذه الأمة من جذورها,

يقول أحد العلماء([2]):” اعلم أن من أعظم العلوم نفعاً، وأكثرها لخيري الدنيا والآخرة جمعاً، وأشدها في حياة القلوب وقعاً، معرفة سير الأولياء العارفين، الذين بأفعالهم وأقوالهم على الله دالين، فيحصل بذلك حسن الظن بهم ومحبتهم، الموصلة إلى أعلى الرتب، لقوله صلى الله عليه وسلم: “المرء مع من أحب” وجاء عن السلف الأولين “الرحمة تتنزل عند ذكر الصالحين”.

       

المنهج العلمي للبحث

 

  منهج البحث هو الاستقراء والتحليل (منهج لامبرخت) ، وذلك بهدف إظهار الحقيقة التاريخية. ثم منهج البحث في مشكلة تاريخية ، وهي هل كان هناك صراع بين الفقهاء والصوفية؟ ( منهج كارل بوبر) . على أن الباحث استخدم قدر الإمكان عبارات التراجم التاريخية حفاظا على روح العصر (منهج كولنجوود).

 

علم التزكية ودوره في التاريخ الإسلامي

 

يُعرف التصوف أنه علم تزكية النفس النبوي للوصول بها إلى مقام الإحسان (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) ([3])، والتزكية هي إحدى مهام النبي مع المسلمين “لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ” آل عمران (164)، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، أخذت العلوم الإسلامية تتبلور بشكل أكثر تخصصاً، ولهذا ضم الإسلام عدة علوم ومدارس، هي قوام العقيدة والفكر والحضارة الإسلامية ، منها مدرسة علوم القرآن والقراءات، وهو علم اختص بكيفية قراءة القرآن، وأسباب و تفسير النزول، واختلاف القراءات، ومنها علم ومدرسة الحديث، وهي مدرسة اختصت بجمع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وتمحيص الصحيح من الموضوع، ومنها مدرسة وعلم الفقه، وهو علم استنباط واستخراج الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة، ومنها مدرسة وعلم النحو والصرف، وهي مدرسة علوم اللغة العربية وآدابها، حفظاً لها من اللحن والتشويه ومعيناً لفهم الدين، ومنها مدرسة وعلم التاريخ، وهو علم اختص بتسجيل ودراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والتاريخ عموماً، ومنها مدرسة علم التزكية، وهو علم تزكية النفس والباطن وأحوال القلب([4]). يقول المولى عز وجل ” لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ “.البقرة(284) . وصار علم التصوف في الملة علماً مدوناً بعد أن كانت الطريقة عبادة فقط ، حيث كانت أحكامها إنما تتلقى من صدور الرجال كما وضع في سائر العلوم التي دونت بالكتاب من التفسير والحديث والفقه والأصول وغير ذلك([5]).

ولهذا تعددت التعاريف التوضيحية للتصوف، وكلها تصب في هذا الجانب، مثل ” التصوف الدخول في كل خلق سني والخروج من كل خلق دنى “. و “التصوف كله خلق، فمن زاد عليك بالخلق زاد عليك بالتصوف”. أو “التصوف صفاء ومشاهدة” ([6]).

ولأنه من علوم الشريعة الإسلامية فقد كان علماءه “مجمعون على تعظيم الشريعة متصفون بسلوك طريق الرياضة مقيمون على متابعة السنة غير مخلين بشيء من آداب الديانة، متفقون على أن من خلا من المعاملات والمجاهدات ولم يبني أمره على أساس الورع والتقوى كان مفترياً على الله سبحانه وتعالى فيما يدعيه مفتوناً هلك في نفسه، وأهلك من اغتر به”([7]).

يقول القاضي الشوكاني (ت1250هـ) في كتابه الفتح الرباني([8]) : “اعلم أن معنى التصوف المحمود يعني: علم الباطن هو الزهد في الدنيا حتى يستوي عنده ذهبها وترابها ثم الزهد فيما يصدر عن الناس من المدح والذم حتى يستوي عنده مدحهم وذمهم ثم الاشتغال بذكر الله وبالعبادة المقربة إليه فمن كان هكذا فهو الصوفي حقاً وعند ذلك يكون من أطباء القلوب فيداويها بما يمحو عنها الطواغيت الباطنية من الكبر والحسد والعجب والرياء وأمثال هذه الغرائز الشيطانية التي هي أخطر المصاحب وأقبح الذنوب. ثم يفتح الله له أبواباً كان عنها محجوباً كغيره لكنه أماط عن ظاهره وباطنه في غشاوة صار حينئذ صافياً عن شوب الكدر مطهراً عن دنس الذنوب فيبصر ويسمع ويظهر لحواس لا يحجبها عن حقائق الحق حاجب… إلى أن يقول : وإذا فرضنا ثاني في المدعين للتصوف والسلوك من لم يكن بهذه الصفات وعلى هذا الهدى القويم فإن بدا منه ما يخالف هذه الشريعة المطهرة وينافي منهجها الذي هو الكتاب والسنة فليس من هؤلاء… ولا يقدح على هؤلاء الأولياء وجود من هو هكذا فإنه ليس معدوداً منهم ولا سالكاً طريقتهم ولا مهدياً بهديهم. فاعرف هذا فإن القدح في قوم بمجرد فرد أو أفراد منسوبين إليهم نسبة غير مطابقة للواقع لا تقع إلا ممن لا يعرف الشرع ولا يهتدي بهديه ولا يبصر بنوره..” . وهذه فتوى شرعية كبيرة في حق التصوف والصوفية.

 

  ويقول ابن تيمية [9] (ت 728هـ ) في كتاب التصوف من مجموع الفتاوى([10]):” والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله، كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله، ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين، وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ، وفيهم من يذنب فيتوب أولا يتوب.. وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة، ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم كالحلاج مثلاً فإن أكثر مشايخ الطرق أنكروه وأخرجوه عن الطريق: مثل الجنيد بن محمد..”.

 

ويقول عنهم في ذلك الإمام الغزالي (ت505هـ) رحمه الله ([11]): ” إني علمت يقيناً أن الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى خاصة، وأن سيرتهم أحسن السير، وطريقهم أصوب طريق، وأخلاقهم أزكى أخلاق. بل لو جمع عقل العقلاء، وحكمة الحكماء، وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء ليغيروا شيئاً من سيرهم وأخلاقهم، ويبدلوه بما هو خير منه لم يجدوا إليه سبيلاً. فإن جميع حركاتهم وسكناتهم، في ظاهرهم وباطنهم، مقتبسة من نور مشكاة النبوة، وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به”.

 

وعلى ذلك فإن التصوف علم يعمل على البناء الروحي والنفسي الباطني للمؤمن، من خلال إتباع السنة في المجاهدة والرياضة والاقتداء العملي على يد شيخ مربي يحول المفاهيم والتعاليم الشرعية في الفقه والحديث والتفسير من الجانب النظري إلى الجانب العملي والتطبيقي من خلال سلوك الشيخ نفسه ومن خلال إشرافه على سلوك المريد (التلميذ) في الأعمال الظاهرية، والدعاء له بالصلاح والحفظ في دياجير الليل باطناً وبهذا فإن التصوف هو المرتبة الثالثة في الدين (الإسلام –الإيمان – الإحسان)، وهو علم من علوم النبي صلى الله عليه وسلم.

وبفضل هذه التربية الروحية يكون المولى عز وجل عند الصوفي هو المحور الوجودي الكلي، يمتلك عليه كل شعوره وعواطفه وحواسه وأفعاله. فلا يرى شيء إلا يرى فيه مظهر من مظاهر القدرة الإلهية، ولا يوجد غيرها([12]). فأصبح الصوفية صفوة مختارة، تقدم بسلوكها نماذج عليا للسلوك ومثلاً للاستلهام والتأسي قدر الطاقة([13]).

وعندما عم الترف والغني الفاحش أمة الإسلام بعد الفتوحات ، وتعرض المجتمع المسلم لتهديد خطير في كيانه ،كان أهل الصلاح والعبادة والزهد متميزون في المجتمع لسلوكهم في إتباع السنة ولذلك عرفوا باسم الصوفية للبسهم الصوف بشكل عام كما هو الراجح[14]). على أن كثير منهم كانوا لا يلبسون الصوف ولا يحبون أن يتميزوا بلباس معين، منعاً للشهرة وتواضعاً لله([15]).

يقول الإمام الحاكم([16]): ” وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الطائفة بما خصهم الله تعالى به من بين الطوائف بصفات فمن وجدت فيه تلك الصفات استحق اسم التصوف”. ويقول كذلك([17]):” تأملت هذه الأخبار الواردة في أهل الصفة فوجدتهم من أكابر الصحابة رضي الله عنهم ورعاً وتوكلاً على الله عز وجل وملازمة لخدمة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، اختار الله تعالى لهم ما اختاره لنبيه صلى الله عليه وسلم من المسكنة والفقر، والتضرع لعبادة الله عز وجل وترك الدنيا لأهلها، ، وهم الطائفة المنتمية إليهم الصوفية قرناً بعد قرن، فمن جرى على سنتهم وجدهم على ترك الدنيا والأنس بالفقر، وترك التعرض للسؤال فهم في كل عصر بأهل الصفة مقتدون وعلى خالقهم متوكلون”.

   ثم تطور هذا العلم مثله مثل كل علوم الملة مثل الفقه والحديث واللغة ، وتأسست في علم التصوف الطرق التربوية السلوكية، كما تأسست المذاهب في الفقه. وهي طرق تتفق في الأصول، على الكتاب والسنة، وتختلف في بعض الفروع، مثل الأذكار ومجالسها([18]).

 

  وكان للتصوف دور في مواجهة الفكر الفلسفي اليوناني ضد الإسلام[19]، كما كان له دور أساسي في نشر الإسلام في وسط آسيا وبلاد القوقاز وفي وسط أفريقيا وشرقها وغربها إضافة إلى جنوب شرق آسيا[20]، كذلك كان للتصوف دور مهم وفعال في الجهاد ضد التتار والصليبيين والاستعمار الحديث ، سواء من دورهم مع صلاح الدين الأيوبي حتى عمر المختار وعبد القادر الجزائري مرورا بمحمد الفاتح[21]. على أن علم التصوف ككل العلوم الإسلامية لم يخلو من المندسين فيه والمحرفين والمنحرفين[22]. وكان أهل التصوف هم من تصدى لهؤلاء وبينوا زيفهم وحذروا الناس منهم[23]. وادعى  بعض الباحثين أن التصوف مجلوب من العقائد الهندوسية والنصرانية وغيرها إلاَّ أن باحثين آخرون ردوا على هذه الشبهات وبينوا أن التصوف علم إسلامي أصيل مأخوذ من الكتاب والسنة النبوية .[24]

 

علماء وفقهاء التزكية ودورهم العلمي والدعوي في عهد الدولة الرسولية

 

    يستطيع الاستقراء التاريخي لتراجم عشرات من علماء التزكية – ما يربو عن ستين ترجمة-  أن يقدم صورة كلية عامة عن أهمية هؤلاء العلماء ودورهم ، وكثير من الحقائق التاريخية العامة :

  • كان علماء التزكية (التصوف) علماء مبرزون وأحياناً يترأسون كثير من العلوم الأخرى سواء الشرعية أو غير الشرعية، مثل علم الفقه، وهو الشرط الأساسي للتصوف أن يتفقه المريد، وعلم القراءات والأصول والكلام و الفرائض والحديث والحساب والفلك وغيرها([25]). والمعتاد أنهم يبدءون بالفقه ثم يتخصصون أكثر في التصوف والتزكية([26]).بعد أن يتلقون علومهم من كبار علماء عصرهم[27]. والجدير بالذكر أنه ورد عن الإمام مالك قوله: “من تصوف ولم يتفقه فقد تزندق ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق ومن جمع بينهما فقد تحقق”([28]). ولهذا كانت القاعدة الأساسية هي في الجمع بين الفقه والتصوف.
  • كان المنهج المتبع للتعلم و التعليم في علم التزكية هو منهج الصحبة والرفقة ، وهو بهذا يجسد المنهج النبوي مع الصحابة، حيث كانوا رضوان الله عليهم يتلقون علومهم من خلال صحبتهم للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، فكان المريد أو الطالب يصحب الشيخ فترة من الزمن لأخذ العلوم والسلوك أخذا عملياً سلوكياً، وليس فقط أخذا نظرياً وبهذا فإن علم التزكية أو علم التصوف هو العلم التطبيقي العملي السلوكي التربوي لعلوم الإسلام الأخرى ، كذلك فإن علوم الدين كانت تؤخذ عبر سلسلة مترابطة من السند المتصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مما حفظ الشريعة من التلاعب بها([29]).
  • وهم بهذا المستوى العلمي الرفيع كانوا من العلماء العاملين المعلمين الذين ينشرون العلم ويمارسون تدريس مختلف العلوم الشرعية الإسلامية([30]). ويبنون الأربطة المتعددة والمساجد في المناطق اليمنية المختلفة، كمراكز علمية وتربوية([31]). وقد تميزوا بحسن الخلق ولين الجانب وسماحة النفس وبذل الجاه والمال والتقلل من الدنيا والزهد بها وعدم الأكل إلا بعد تيقن الحلال([32]).
  • كان علماء التزكية (التصوف) يؤدون دوراً اجتماعياً وسياسياً كبيراً ، من ذلك الشفاعة للناس أمام الحكام والأمراء والملوك، والصلح بين الناس([33]). بل أحياناً مواجهة السلطة عند انحرافها أو شعورهم بانحرافها([34]). واللافت أن السلطة تعجز عن الانتقام منهم كما حدث مع الشيخ سفيان بن عبد الله صاحب الحوطة([35]). كذلك أدوا دور الحسبة في المجتمع والإنكار على أهل المنكر من أبناء الدنيا([36]). وفي محاربة شرب الخمور حتى أمام السلاطين([37]).
  • تمتع علماء التزكية بعلاقات ودية وطيبة فيما بينهم فكانوا يتبادلون الزيارات الودية والمراسلات فيما بينهم. تحقيقاً لتعاليم النبي صلى الله عليه وسلم (أفشوا السلام بينكم) ([38]). كما كان بعضهم مرتبط بعلماء تزكية خارج اليمن على مستوى العالم الإسلامي. مثل الشيخ محمد شوعان الذي أخذ خرقة التصوف من الهند([39]). أو الشيخ الشاوري الذي أخذ من مشايخ الحجاز([40]).
  • من المعتاد أن عالم التزكية قبل أن يخرج إلى الحياة العامة للتدريس والدعوة إلى الله. كان يمر في فترة تستطيع تسميتها فترة دورة التدريب الروحي ، للرقي بالروح وهي تشمل التفرغ للعبادة والخلوة والانقطاع والتجرد والعزلة والسياحة([41]). وهذه فترة مهمة لطالب التزكية حيث يتمكن من خلال هذه المجاهدات والرياضات في الصيام والقيام من كسر هوى النفس والتحكم بها وملك زمامها. ويلاحظ أن عالم التزكية بعد هذه الفترة يمتلك قوة تأثير روحي كبير على الناس مما يساعده في الدعوة إلى الله وفي التفاف الناس حوله([42]). وهذه الحقائق التاريخية تنفي زعم البعض أن التصوف هو انسحاب من المجتمع واعتزال عن قضاياه. بينما الاستقراء التاريخي يشير أن علم التزكية (التصوف) كان هو المنهج الإصلاحي للمجتمع ومعالجة قضاياه. فلا يصح لداعية الخروج إلى الحياة والمجتمع إلا وقد تجرد من حب الدنيا وأمراض النفس فلا يشترى بالمال أو يغرى بالنساء أو بالمناصب ، ولكن يكون عمله لله احتساباً([43]).والجدير بالذكر أن المؤرخ الانجليزي ارنولد توينبي رصد وجود فترة للانعزال والخلوة عند العظماء والمصلحين للشعوب في ما يقرب من عشرين حضارة إنسانية قام بدراستها.

7) كان من المعتاد أحياناً أن يكون للشيخ الواحد عدة أربطة في مدن اليمن المختلفة تدرس فيها علوم الشريعة([44]). كذلك كانوا يبنون ويعمرون المساجد والمدارس المختلفة([45]).

8) تميز علماء التزكية بإطعام الطعام وبسط موائد الأكل للمحتاجين والفقراء والطلاب([46])، كما كان من المعتاد أن الشيخ المربي يقوم بكفاية طلابه ومريديه من المسكن والمأكل([47]). ويذكر أنه اجتمع عند  أحدهم في ليلة من ليالي الغلاء ثلاثة ألاف نسمة([48]).

9) كانوا يحرصون على معاملة طلابهم ومريديهم كما يعاملون أولادهم ويطعموهم كما يطعمون أولادهم مثلما حدث مع أحد المشايخ عندما أرادت زوجته أن تطعم ابنها المريض فروجاً. فقال لها: أن تعمل لكل واحد من المريدين لديه فروجاً وإلا فلا تفعل ذلك لولدها([49]). كما كان بعضهم يمتاز بالصبر العظيم على الطلبة مع سهولة الأخلاق واللين معهم([50]). إلا أن بعضهم كان يستخدم أسلوب الضرب لطلابه عند تأخرهم عن الصلاة وخاصة صلاة الصبح، وهذا من قبيل تشددهم في التمسك بالشريعة ([51]).

10) كان الملوك والأمراء يطلبون ود علماء التزكية (التصوف) فيقومون بزيارتهم ومواصلتهم، والتعظيم من قدرهم، ويقبلون شفاعتهم، بل ويحاولون  إعفاءهم من الضرائب أحياناً إذا كان أحدهم يملك ما سيتحقق الضريبة عليه. فيرفضون ذلك، كما كان يقول ابن عجيل: “أحب أن أكون من جملة الرعية الدفاعة”([52]). على أنه أيضاً اشتهر منهم من كان يتجنب الملوك والأمراء ويتجنب أخذ الأموال منهم بل ويردها([53]). وربما كان تقرب الملوك والأمراء منهم لمعرفتهم أنهم يحوزون على رضا شعبي كبير، وبالتالي فإنهم يتقربون إلى الناس بذلك .

11) كان منهم من يتولى القضاء ، مثل أبي بكر بن محمد الجنيد، والشيخ إسماعيل الحضرمي، وغيرهم. مع كامل الزهد والعدل والورع([54]). ومنهم من تولى الوزارة مثل الفقيه علي بن يحيى العمراني([55]). ومنهم من تولى كتابة الإنشاء والوقف والوصايا مثل العلامة محمد الخولاني([56]). و سجل عنهم المؤرخين أنهم كانوا محمودي السيرة، وهم في أعلى المناصب الرسمية.

12) تمتع علماء التزكية بحب جمهور الناس واحترامهم وتقديرهم، وكان لهم تأثير على القلوب([57])، حتى أن قطاع الطرق كانوا يجلونهم أن يسرقوهم أو يسلبوهم شيء بفضل وجاهتهم الروحية. ولأجل ذلك كان إذا حج أحدهم يحج معه الخلق الكثير طلباً لأمان الطريق وتبركاً بهم([58]).

13) لم يقتصر علم التزكية (التصوف) على مذهب معين، مثل الشافعية السنة، بل كان يعم اليمن كلها شافعية وزيدية، عملاً وتأليفاً وتدريساً([59]).

 14) ظهر من أدعى التصوف ثم مارس أعمالا مخلة بالشرع الحنيف ، إلا أن هذا كان من شواذ السياق التاريخي العام ، كما كان علماء التزكية أنفسهم من يرد عليهم ويبين خطاء مسلكهم [60].

15) كان التعليم في تاريخنا الإسلامي وفي الحضارة الإسلامية ، يسير على المنهج النبوي في التربية والتعليم من حيث البناء العقلي والروحي معاً للطالب والتلميذ فكانت المدرسة الإسلامية في عهد الدولة الرسولية يقرر لها مقرئ يعلم القرآن على القراءات السبع ومحدث لتعليم علم الحديث وفقيه لتعليم الفقه على مذهب الإمام الشافعي وأخر لتعليم علم الفرائض (المواريث) وشيخاً صوفياً للتربية والسلوك وتزكية النفس([61]).

فالعلم الشرعي ليس مجرد معلومات بل هو سلوك وتربية وممارسة، وهذا هو الجانب الصوفي في العملية التعليمية، أو ما يسمى التربية الاحسانية([62]).

16) كان طلاب العلم لا يأخذون علومهم بالتلقي إلا من علموا استقامته وحسن سيرته ، وتحققوا من دينه وأمانته . وما لم يتأكدوا من ذلك كانوا يرفضون الدراسة أو التلقي منه بشئ من العلم [63].

 

هل كان يوجد صراع بين الفقهاء والصوفية؟

 

وضح الاستقراء التاريخي أن كثير من الفقهاء كانوا صوفية وكثير من الصوفية فقهاء ، فهل كان هناك صراع بين الفقهاء والصوفية كفئتين وطائفتين متناقضتين كما حاول البعض إظهار ذلك ؟

أن الحقيقة التاريخية تنكر هذا الإدعاء، وتظهر أن الصراع كان بين أفراد، إما على قضية فكرية أو انفعال وصراع مصالح . فقد تميزت الحياة العلمية في الإسلام بالجمع والتنوع، أي أن العالم الواحد كان يجمع بين عدة علوم فيكون مثلا فقيهاً ومحدثاً ولغوياً وصوفياً. على أنه أحيانا يغلب على أحدهم فنا معيناً فيغلب عليه الحديث أو اللغة أو التصوف ، وهكذا. وعلى ذلك يكون الفصل بين أصحاب العلوم عسيراً ويكون الفصل في ذهن من يريد أن يفصل بينهم وليس كواقع وحقيقة تاريخية واقعية. على أن ذلك لا يعني عدم وجود مدارس علمية متغايرة فيما بينها كما اشتهر بين أهل الحديث وأهل الفقه وغيرهم ، على أن المؤكد أن الفقهاء والصوفية كانوا أكثر نسيجاً اجتماعياً واحداً كما رأينا في تراجم العلماء سابقاً ، ونستطيع أن نضيف بعض الوقائع التاريخية التي تؤكد ذلك ، منها على سبيل المثال:

  • أورد الشرجي عن اليافعي الزيارات التي كان يقوم بها الفقهاء إلى الشيخ الصوفي أبو الغيث بن جميل. وتدل مثل هذه الزيارات على ما كان يعتقده وينظره الفقهاء إلى مشايخ التصوف وأهله([64]). كما أورد الخزرجي التحالف والتعاضد والتآخي الذي كان بين أبو الغوث بن جميل والفقيه أبو الحسن الساعي (ت650هـ) ، حيث ابتنى أبو الغيث رباطاً في بلد الفقيه وأقاما متعاضدين في الدعوة إلى الله.[65]
  • ما أورده الجندي من ترجمة وافية راقية للشيخ أبو الغيث بن جميل، إذ كان الجندي فقيهاً غير صوفي وابن جميل صوفي غير فقيه. وهذا يوضح علاقة الاحترام والتقدير والحب بين الفقهاء وأهل التصوف غير الفقهاء. يقول الجندي([66]): ” ثم عرض لي مع ذكره رجل من أعيان الأعيان وأفراد الزمان فينبغي أن نذكر من أحواله بعض ما صح ونورد من أقواله ما نستدل به على فضله فهو الغيث بن جميل الملقب شمس الشموس وهذا لقب على ملقب باستحقاق”. كذلك كان حال الجندي في ترجمته للشيخ أحمد بن علوان (ت 665هت) ([67]). وما أورده الجندي في الحقيقة كان يمثل السياق التاريخي العام، وروح العصر الإسلامي ، بل كان الفقهاء حريصون على اتصالهم بالعباد و الزهاد من رجال التصوف، لحسن ظنهم فيهم. يقول الجندي([68]) :” وتربته (مقبرته) من الترب المقصودات لطلب الخيرات واندفاع المضرات زرتها بحمد الله مراراً ورأيت من بركات آثارها”.

ولعل أدل شيء على أن الفقهاء وأهل التصوف كانوا نسيج واحد هو ترجمات الجندي وغيره، فلا يميز بينهم ولا تكاد تفرق بين الفقيه الصوفي والفقيه غير المتصوف. وهذا يوضح طبيعة المجتمع المسلم آنذاك. وكذلك كان الحال مع الخزرجي ، وهو فقيه في ترجماته لأهل التصوف .

 

  • توضح قصة المؤاخاة التي أوردها البريهي طبيعة هذه العلاقات في المجتمع، وهي المؤاخاة بين صوفي ليس بفقيه هو الحاج الفاضل محمد بن عمر الحرازي والقاضي الفقيه صفي الدين أحمد بن أبي بكر البريهي من إب ودامت بينهم هذه الأخوة حتى الوفاة([69]).
  • ومن الأدلة التاريخية كذلك، هو تأليف الفقهاء غير الصوفية في علم التصوف مثل الفقيه جمال الدين محمد بن عبد الله الريمي (ت792هـ). الذي ألف كتب في ذلك منها على سبيل المثال : “الدر النظيم المنتقى من كتاب الترمذي الحكيم” ([70]).

وهو بهذا كان مثل بعض كبار الفقهاء الذين لم يكونوا صوفية ولكنهم صنفوا في علم التصوف مثل ابن القيم في كتابه مدارج السالكين أو الشوكاني في كتابه قطر الولي في حديث الولي .

  • ومن الأدلة التاريخية أن الفقهاء والصوفية كانوا أقرب إلى نسيج اجتماعي واحد هو أن كثير من الفقهاء أخذوا علومهم من الصوفية، فكانوا تلاميذهم ومريديهم مثل الفقيه عبد الرحمن بن الديبع الزبيدي (ت942هـ) صاحب المؤلفات ، درس وتربى على يد جده لأمه الفقيه الصوفي إسماعيل الجبرتي، وكذلك كان تلميذ العلامة أبي العباس أحمد الشرجي صاحب كتاب طبقات الخواص([71]). وهذا مجرد مثل لما كان سائراً فكان أبناء الصوفية فقهاء وأبناء الفقهاء صوفية ([72]).
  • كان إذا أقام أحد من الصوفية بالطواف حول البلدان اليمنية للدعوة إلى الله اجتمع إليه مستقبلين ، فقهاء البلد وصوفيته([73]).

 

أما ما أبرزه أحد الباحثين من اعتراض بعض أهل الفقه على بعض أهل التصوف،[74] فهو من شواذ السياق التاريخي العام للمسلمين ولذلك يمكن ملاحظة التالي:

  • أن هذه الاعتراضات حوادث فردية تكاد لا تتعدى عدد الأصبع.
  • يتركز اعتراض بعض الفقهاء على بعض الصوفية في حالات الخروج عن الشرع الشريف. وهذه حالة كان أهل التصوف أنفسهم ينكرونها ويدعون في كل حالة إلى إتباع الكتاب والسنة [75]. ويقولون :” علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة، فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يصح له أن يتكلم في علمنا”.[76]
  • اعتراض بعض الفقهاء المتفلسفون على بعض الصوفية المتفلسفون في قضية ابن عربي ومقولاته التي يفهم منها وحدة الوجود([77]).وهنا يجدر بنا ملاحظة التالي:

 – ان الفقهاء المتخاصمون مع هؤلاء اعترضوا على فكر وحدة الوجود ، ولم يعترضوا على التصوف نفسه[78]. بل أنهم بينوا بشكل واضح ان هذه المقولة ليست من التصوف . يقول الفقيه الحسين بن عبد الرحمن الاهدل( ت855هـ ): [79]:”ولم يزل أكابر أهل الطريق من الصوفية ذوي التحقيق يتوجعون منهم، ويحذرون من تلبيسهم ، وينبهون على أنهم ليسوا على طريق الصوفية المحققين”. ومن الأدلة الهامة والواضحة في ذلك ، مصنف كشف الغطاء الذي ألفه الفقيه الأهدل للرد على أصحاب فكر وحدة الوجود . حيث بين فيه ان الصوفية أبرياء من هذه المقولة وأمثالها ، وهذا المصنف هو أهم المصادر التاريخية التي شرحت هذا الصراع بين أنصار وحدة الوجود وبقية العلماء.

 

– استخدم الفقهاء ردود علماء التزكية (التصوف) على مثل هذه المقولات ، مثل مقولة الجنيد بن محمد( ت297 هـ)[80]: “إنما التوحيد إفراد القدم عن الحدوث” ، ردا على مقولات الحلاج . ثم وضح الفقهاء ما وضحه الصوفية أنفسهم أنها مقولات مقام روحي ناقص من مقامات السالكين ، ولابد من شهود الفرق الثاني بعد مقام الجمع.[81]وقال الصوفية في ذلك :” كل حقيقة تخالف شريعة فهي كفر”[82]. كذلك بينوا أن : ” كل جمع بلا تفرقة زندقة وكل تفرقة بلا جمع تعطيل”[83].

 

  • تركزت هذه القضية في زمن الدولة الرسولية مع أفراد معدودين من المتصوفة . وعندما مات على سبيل المثال التعزي أبا العتيق ماتت هذه الدعوة ما يقرب من نصف قرن تقريبا [84].
  • يقول الإمام أبو بكر العيدروس العدني( ت914هـ)[85]: ” لا أذكر أن والدي رحمه الله ضربني ولا انتهرني قط إلا مرة واحدة بسبب أنه رأى بيدي جزءاً من الفتوحات المكية لابن عربي فغضب غضباً شديداً فهجرتها من يومئذ”. فإذا علمنا أن الإمام العيدروس كان إمام اليمن وعلامتها وشيخ أهل التصوف في زمنه (الفترة الزمنية اللاحقة للدولة الرسولية) علمنا موقف التصوف الحقيقي من ابن عربي ومؤلفاته آنذاك .

 

 

المنهج العلمي وقضية خوارق العادات (الكرامات)

 

   تميز تاريخ علماء التزكية (التصوف) بتوثيق المؤرخين لكثير من روايات خوارق العادات، أو ما يسمى بالكرامات ، وهنا تبرز إشكالية تعامل المنهج العلمي الحديث مع هذه القصص والروايات التاريخية ، وهي إشكالية تنطلق من قدرة المنهج العلمي في التعامل مع قضايا الغيب بشكل عام ، مثل قضايا الوحي والجن ومعجزات الأنبياء والملائكة على سبيل المثال. ذلك أن ما يسمى اليوم بالمنهج العلمي ما هو إلا تراث انقلاب أوروبا على الدين والكنسية والغيب وتركز اهتمامه فقط على ظاهر السلوك البشري أو دوافعه النفسية بحسب مبررات التحليل النفسي الحديث أو استخراج قوانين التاريخ ، أو التعايش الباطني له. أما علاقة حركة التاريخ بقوى الغيب والتأثير المتبادل المحتمل فلا يستطيع هذا المنهج رصدها ودراستها والوقوف عليها ، إنكارا أو تأكيدا.

  وهنا نرى كثير من الباحثين يتعاملون مع قضايا خوارق العادات في التاريخ الإسلامي بإهمال متعمد أو تهميش وحذف كامل. وهذا مما لا شك فيه مخالف لأبسط قواعد المنهج العلمي وهو وصف ما كان كما كان ، خاصة إذا كانت الرواية أو المصدر مقبول حسب منهج النقد التاريخي ، وخاصة أنه في العلوم الأخرى يتم توثيق الحدث ووصفه حتى إذا كان الباحث لا يملك له تفسير. فيوثقه أولاً ثم يترك تفسير الحدث لمن يأتي بعد ذلك ويحل هذه الإشكالية.

  إن قضية التعامل مع قصص خوارق العادات في التاريخ الإسلامي هي قضية ذاتية بحتة أمام الباحث ، فهو إما أنه لا يؤمن بالغيب وبالتالي يسقط ذاته فيحذفه ولا يعترف به. أو يؤمن بالغيب ولكنه لا يملك الأدوات المنهجية في التعامل مع هذه النصوص التاريخية.

  هذا من جانب ومن جانب آخر شاب هذه الروايات الإسهاب المفرط في ذكر هذه الكرامات حتى أصبح الشك في صدقيتها من أسس التعامل المنهجي معها. ولكن الشك فيها بقصد فرز ما حدث فعلاً وما لم يحدث شيء ،وحذفها كلياً وتحويل التاريخ إلى مجرد أفعال ظاهرة يتساوى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكارل ماركس شيء أخر.

  وربما من الجدير بالذكر هنا أن نشير أن المنهج القرآني للتاريخ يقدم صورة متكاملة لحركة التاريخ بكل أبعادها الغيبية حيث  أوضح دور الشيطان على سبيل المثال في التحريض والتدخل لصنع معركة بدر.

  وبهذا لا بد من إعادة النظر في المنهج المعاصر لدراسة التاريخ وتحقيق علميته الفعلية في الوصول إلى الحقيقة التاريخية الكاملة. دون الإسقاط الخرافي أو الإسقاط العلماني الناكر للغيب. منهج علمي يستطيع أن يجيب على سؤال: هل هناك فعلاً خوارق للعادات في التاريخ الإنساني بشكل عام و في التاريخ الإسلامي بشكل خاص، وهل كان لها تأثير على حركة التاريخ بشكل أو بآخر؟[86]

 

 

 

 

خاتمة

 

   ألقت الدراسة الضوء على قطاع مهم من قطاعات التربية والتعليم في الدولة الرسولية ، وبينت الدور الذي قام به علماء التزكية في نشر العلم والدعوة إلى الله ، وبناء المساجد والأربطة متحلين بالشريعة وآداب الطريقة. كما بينت قضية مهمة وهي الصراع الذي دار بين بعض الفقهاء وبعض المتصوفة في موضوع وحدة الوجود ، حيث رد الفقهاء بما قالوه أهل التصوف من أن “التوحيد إفراد القدم عن الحدوث” . وأن التصوف برئ من هذه المقولة .

  أضف إلى ذلك كشفت الدراسة عن المنهج التربوي التعليمي الذي كان سائدا في الدولة الرسولية ، وهو منهج التعليم النظري والتطبيقي معا ، حيث مثل علم التزكية الجانب العملي في دراسة علوم الشرع الحنيف ، والاهتمام الباطني والنفسي للطالب . فعلوم الشرع ليست مجرد حفظ نصوص بل هي تربية نفوس . ولهذا كان يرتب في المدرسة الإسلامية المقرئ والفقيه والمحدث وعالم التزكية للاهتمام بالجنب السلوكي والقلبي للطالب . كمجموعة متكاملة من العلوم الشرعية .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1] جاء لفظ التصوف كعلم أي علم التصوف في العديد من المصادر الإسلامية الأصلية، انظر على سبيل المثال: أبو طالب المكي ، محمد بن علي(ت386هـ): قوت القلوب، ب د، 224 ؛ الأصبهاني، أبو نعيم أحمد بن عبد الله( ت 430 هـ):أخبار أصبهان ، ب د، 6/ 163، حلية الأولياء، 4/ 447؛ الخطيب البغدادي،أحمد بن علي(ت، 463هـ): تاريخ بغداد، ب د ، 3/ 273، 5/ 375؛ الغزالي ، محمد بن محمد الطوسي(ت505هـ): المنقذ من الضلال، 18 ؛ ابن الجوزي ، أبو الفرج بن عبد الرحمن(ت 597هـ): المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ، ب د ، 4/ 203 ؛ ابن كثير ، أبو الفداء إسماعيل الدمشقي (ت 774هـ/1371م ) : البداية والنهاية ، ب د ،12/ 224، 13/ 182 ؛ الذهبي ، محمد بن أحمد (ت747هـ/1348م): سير أعلام النبلاء ، ب د، 14/ 316، 16/ 237، تاريخ الإسلام، 5/ 222، 10/ 260 ؛ ؛ السخاوي ،شمس الدين محمد بن عبد الرحمن (ت902هـ/1496م): الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، ب د، 2/ 71، 140؛ ابن خلدون ، عبد الرحمن( ت808هـ): المقدمة، ب د ،280 ،282 ، التاريخ، 1/ 467، 12/ 224 ؛ أبو الفداء ، عماد الدين إسماعيل ( ت 732هـ/1331م ) : المختصر في أخبار البشر المختصر ،ب د ، 1/ 279؛ أبو المحاسن ، يوسف بن تغري بردى ( ت 874هـ/1470م ): النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، ب د ، 1/ 327، 2/ 50، 73 ؛ العيني ، بدر الدين محمود بن أحمد ( ت 855هـ/1451م ) : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان ، ب د ، 1/ 139؛ العيدروس ، محي الدين عبد القادر بن شيخ ( ت1038هـ/1628م) : النور السافر على أخبار القرن العاشر ، ب د ، 15، 58، 83 ؛ الشوكاني، محمد بن علي(ت1250هـ): البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، ب د، 1/ 187، 357؛  فيض القدير، 6/ 361.

([2] ) الحبشي ، أحمد بن زين (ت 1144هـ): شرح العينية، سورا بايا، 1425هـ ، ص 72، 73 .

([3] ) القشيري، عبد الكريم بن هوازن (ت465هـ): الرسالة القشيرية، بيروت 1423هـ، ص10 حاشية 4 للشيخ زكريا الأنصاري ؛ زروق، أبو العباس أحمد (ت 899هـ): قواعد التصوف، ب د، ص6 ؛ أبو الحسن علي الندوي: ربانية لا رهبانية ، دمشق 2002م، ص33 .

([4] ) انظر: السراج، أبي نصر عبد الله بن علي (ت378هـ): اللمع في تاريخ التصوف الإسلامي، بيروت 1421هـ – 2001م، ص 11- 17، 327 ، 324 ؛ انظر  أيضاً: ابن خلدون، عبد الرحمن: المقدمة، 469 ؛ أبو الحسن علي الندوي: ربانية لا رهبانية، 33 وما بعده ؛ الأصفهاني ، أبو نعيم: الأربعون على مذهب المحققين من الصوفية، ب د ، ص1.

([5] ) ابن خلدون: المقدمة، 469.

([6] ) عبد الحليم محمود: المنقذ من الضلال، قضية التصوف،القاهرة ب د، ص43 .

([7] ) القشيري: الرسالة ، 37 .

([8] ) انظر: صديق بن حسن القنوجي: أبجد العلوم الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم  تحقيق / عبد الجبار زكار، بيروت 1987 ، 2/ 370.

[9]) أحمد بن عبد الحليم بن تيمية : من فقهاء الحنابلة ، ظهر في القرن الثامن الهجري ، صدرت منه فتاوى خالف فيها جمهور علماء المسلمين ، منها إنكاره شد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، واتهامه بالتجسيم في حق الله عز وجل ، فصدر ضده حكم بالحبس ، ثم خرج منه ولم يلبث أن عاد إليه وتوفي رحمه الله في السجن. دافع عن التصوف السليم وهاجم ما اسماهم صوفية الأرزاق والرسوم ، وشرح أهم كتاب في التصوف : فتوح الغيب للإمام عبد القادر الجيلاني. للمزيد أنظر ابن حجر : الدرر الكامنة ،1/46. مجموع فتاوى ابن تيمية ، ج11ص50 وما بعدها.

([10] ) مجموع فتاوى ابن تيمية، جمع النجدي الحنبلي، ب د ، المجلد الحادي عشر كتاب التصوف، ص18.

([11] ) المنقذ من الضلال، بيروت، 1988م، ص139.

([12] ) انظر : وليد منير: التصوف وسيكولوجية الحضور المتسامي بين الدافع والغاية – دراسة استكشافية – مجلة إسلامية المعرفة، العدد 36، السنة التاسعة ربيع 1425هـ، 2004م، ص25 وما بعدها..

([13] ) عبد الرحمن بدوي: تاريخ التصوف الإسلامي، القاهرة، 1993م، التصدير.

([14] ) ابن خلدون، عبد الرحمن: المقدمة، ب د ، ص467..

([15] ) عبد الحليم محمود: قضية التصوف، المدرسة الشاذلية، القاهرة: ب د ، 43 .

([16] ) المستدرك على الصحيحين ، رقم4260.

([17] ) المستدرك على الصحيحين رقم 4259.

([18] ) أنظر: عبد الحافظ بن علي المالكي: هداية الراغبين، القاهرة، ب د، ص 7 وما بعدها.

[19]))  انظر : أبو الحسن الندوي ، رجال الفكر والدعوة في الإسلام ، الكويت 1969م، ص162وما بعدها .

([20]) انظر على سبيل المثال : القلقشندي ، صبح الأعشى 4/309 ؛ هدى درويش ، دور التصوف في انتشار الإسلام في آسيا الوسطى والقوقاز ، القاهرة 2004 ، ص97وما بعدها .

([21])  انظر : أسعد الخطيب ، البطولة والفداء عند الصوفية ، دمشق ب د ، ص 110 وما بعدها ؛ عاصم رزق، خانقاوات الصوفية في مصر في العصرين الأيوبي والمماليكي (567-923هـ/1141-1517م) ، القاهرة ، ج1 ص128 وما بعدها  ؛ ممدوح الزوبي ، الطرق الصوفية ، ظروف النشأة وطبيعة الدور ، دمشق 2004 ، ص150وما بعدها  ؛ ماجد عرسان الكيلاني ، هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس ، عمان 2003 ، ص177وما بعدها ؛ جيهان اوقويوجو: مولانا جلال الدين الرومي، ترجمة اورخان محمد علي، القاهرة 2009،ص12.

([22])  انظر : ابن تيمية ، المجلد 10 / 11وما بعدها ؛ الأهدل ، بدر الدين أبو عبد الله الحسين ( ت 855هـ)، تحفة الزمن في تاريخ اليمن ، تحقيق / عبد الله محمد الحبشي ، بيروت 1986م ، ص289،290 .

[23]  الغزالي ، محمد بن محمد الطوسي (ت505هـ):إحياء علوم الدين، ب د ،1/39 وما بعدها ؛ الأهدل ، بدر الدين أبو عبد الله الحسين ( ت 855هـ): كشف الغطاء عن حقائق التوحيد وعقائد الموحدين وذكر الأئمة الأشعريين ومن خالفهم من المبتدعين وبيان حال ابن عربي واتباعه المارقين ، تونس ، ب د ،ص170.                                             

[24] انظر : عبد الرحمن بدوي ، تاريخ التصوف الإسلامي ، الكويت 1993، ص44وما بعدها ؛ شاخت ، جوزيف وكليفورد بوزورث ، تراث الإسلام ، ترجمة ، حسين مؤنس وإحسان صدقي العمد ، الكويت 1998، ج2 ص62 وما بعدها  ؛ آندريه اتور : التصوف الإسلامي ، ترجمة ، عدنان عباس علي ، كولونيا 2003 ، ص21 . انظر أيضاً : أبو حامد الغزالي محمد بن محمد الطوسي ، المنقذ من الضلال ، بيروت 1988م ، ص130 وما بعدها .

([25] ) انظر على سبيل المثال لا الحصر: الخزرجي: العقود اللؤلؤية، 1/ 249؛ الشرجي: طبقات الخواص: 172- 176، 290، 329، 398، 54- 56 ؛ البريهي: طبقات علماء اليمن، 23، 24، 67، 68، 169 ؛ بامخرمة : تاريخ ثغر عدن، 246، 47، 254، 61، 62، 143 – 145، 189.

([26] ) الشرجي: طبقات الخواص، 43، 44، 88، 95، 127؛ 128؛ الخزرجي: العقود اللؤلؤية،1/237؛ البريهي: طبقات الخواص: 226، 227.

[27]) انظر على سبيل المثال: الخزرجي : العقود اللؤلؤية، 1/ 201، 202.

([28] ) أنظر : عبد الفتاح اليافعي : المنهجية العامة في العقيدة والفقه والسلوك،صنعاء1428هـ-2007م،ص 101،نقلا عن حاشية العدوي على شرح الزرقاني،3/195 ومرقاة المفاتيح لملا علي القاري، 1/478 ؛ حسن كامل الملطاوي: الصوفية في إلهامهم ، ج1ص198.

([29] ) انظر على سبيل المثال لا الحصر : الخزرجي: العقود اللؤلؤية، 1/ 389، 409 ؛ الشرجي: طبقات الخواص، 88، 172 – 176 ؛بامخرمة: تاريخ ثغر عدن، 143 – 145 .

([30] ) انظر على سبيل المثال : الجندي ، محمد بن يوسف بن يعقوب ، السلوك في طبقات العلماء والملوك ، تحقيق / محمد بن علي الأكوع ، جـ1 صنعاء ، 478 ؛ الشرجي، طبقات الخواص، 95، 57 ؛ البريهي: طبقات: 67، 68، 96، 99. ؛ بامخرمة: ثغر عدن، 61،62 . ودورهم هذا في اليمن يتوافق مع دورهم التاريخي في الأقطار الإسلامية المختلفة . أنظر على سبيل المثال : ابن حجر العسقلاني ، أحمد بن علي ( ت 852هـ/1448م ): الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ، ب د.،1/315،352  ؛السخاوي ، شمس الدين محمد بن عبد الرحمن : الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ، بيروت ب د ،المجلد 4ص238 وما بعدها ؛ الندوي : ربانية لا رهبانية،75 وما بعدها.

([31] ) الخزرجي ، العقود ،1/368 ؛ بامخرمة : ثغر عدن ،61،62 ؛ البريهي: صلحاء اليمن ، 96-99، 245.

([32] ) الشرجي: طبقات الخواص ، 91،188،205،267،268؛ البريهي :صلحاء اليمن، 299-301،67،68،96،169.

([33] ) انظر على سبيل المثال: الشرجي: طبقات الخواص، 270 – 274 ، 280؛ بامخرمة: ثغر عدن، 61، 62.

([34] ) الشرجي: طبقات الخواص، 100، 101، 199.

([35] ) بامخرمة: ثغر عدن، 125؛ الشرجي: طبقات الخواص، 146، 148.

([36] ) بامخرمة: ثغر عدن: 145، الشرجي: طبقات الخواص، 176؛ البريهي، صلحاء اليمن،96،276.

([37] ) الخزرجي: العقود اللؤلؤية، 1/ 368؛ الشرجي: طبقات الخواص ، 95، 96، 180 – 182.

([38] ) انظر على سبيل المثال: بامخرمة: ثغر عدن، 125؛ الشرجي: طبقات الخواص، 146 – 148، الخزرجي: العقود اللؤلؤية، 1/ 329.

([39] ) الشرجي: طبقات الخواص، 329.

([40] ) البريهي: طبقات صلحاء اليمن، 41.

([41] ) انظر على سبيل المثال: الخزرجي: العقود اللؤلؤية، 1/ 389ا ؛ لشرجي: طبقات الخواص، 213.

([42] ) عن أهمية هذه المجاهدات انظر على سبيل المثال: سعيد حوى: تربيتنا الروحية، القاهرة 1428هـ/ 2007م ، ص119 وما بعدها.

([43] ) انظر السهروردي، أبو حفص عمر بن محمد (ت632هـ) عوارض المعارف، القاهرة: 2004، ص385 ؛ أنظر أيضا الدراسة التاريخية التي قدمها ماجد عرسان الكيلاني والتي تؤكد هذه الحقيقة : هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس ، عمان 2003م.

([44] ) انظر على سبيل المثال: بامخرمة، 61، 62 ؛ الخزرجي: العقود، 1/ 368.

([45] ) البريهي: طبقات، 96- 99، 245.

([46] ) انظر على سبيل المثال: الشرجي، طبقات الخواص، 89،205 ؛البريهي: صلحاء اليمن ، 32،299ومابعدها.

([47] ) الشرجي: طبقات الخواص، 289 – 290.

([48] ) الشرجي : طبقات الخواص، 50.

([49] ) الخزرجي: العقود، 1/256، 257.

([50] ) الشرجي: طبقات الخواص، 188.

([51] ) الخزرجي: العقود، 1/ 257.

([52] ) الجندي: السلوك: 1/ 478، الشرجي: طبقات الخواص، 57، 88، 91، 205.

([53] ) انظر على سبيل المثال: البريهي: طبقات، 43، 245، 264- 270.

([54] ) الخزرجي: العقود، 1/ 252 – 253 ، 201، 202، الشرجي: طبقات الخواص، 95- 101، البريهي: طبقات ، 90 – 92 ، 96.

([55] ) البريهي: طبقات، 22 ، 23.

([56] ) البريهي: طبقات، 24.

([57] ) انظر على سبيل المثال: البريهي: طبقات، 90 – 92، 196 – 171.

([58] ) انظر على سبيل المثال: الجندي: السلوك: 1/ 478 – 480 ؛ الخزرجي: العقود، 1/257 – 160 ؛ الشرجي: طبقات الخواص، 57- 64، 188، 386.

([59] ) انظر على سبيل المثال: البريهي: طبقات، 22- 24 ؛ المهدي، الإمام أحمد بن يحيى المرتضى، (ت840هـ): تكملة الأحكام والتصفية من بواطن الآثام، تحقيق/ عبد الله بن حمود العزي، صنعاء2007، ص11 وما بعدها. كان لأهل المذهب الزيدي وأئمته باع طويل مع التصوف سلوكاً وتأليفاً، حيث اهتموا بالجانب القلبي والتربية الاحسانية كذلك كان لهم علاقات طيبة مع التصوف السني ما لم تفسده السياسة في بعض الأحيان كما كان حال الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة (ت749هـ) وغيره من الأئمة. حيث تواجد بصنعاء زوايا وأربطة صوفية تهتم بالتربية الاحسانية. للمزيد انظر: الشوكاني، محمد بن علي: البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، ب د، ج1ص187،403،388،ج2ص26،277،391،ج3ص98 ؛ عبد العزيز سلطان المنصوب: العارف بالله عبد الهادي السودي، صنعاء، 2004من ص60، 61، عبد الله محمد الحبشي: الصوفية والفقهاء في اليمن ، صنعاء 1976م، ص63 وما بعدها.

[60]) الأهدل: كشف الغطاء ،ص170.

([61] ) انظر على سبيل المثال: الخزرجي: العقود، 2/ 202.

([62] ) انظر على سبيل المثال: ماجد عرسان الكيلاني: هكذا ظهر جيل صلاح الدين، 177 وما بعدها. كان هذا المنهج النبوي سائداً في العالم الإسلامي، فعلى سبيل المثال عندما أرسل مسلمي الهند سنة 744هـ إلى سلطان مصر يطلبون منه إرسال من يعلمهم شرائع الإسلام، بعث إليهم الشيخ ركن الدين الملطي، الشيخ الصوفي، وشيخ الخانقاة السرياقوسبة. (أنظر:ابن شاهين الظاهري ، زين الدين عبد الباسط بن خليل الحنفي ( 844-920هـ) : نيل الأمل في ذيل الدول ، تحقيق / عمر عبد السلام تدمري ، بيروت2002، قسم1،ج1ص81).

[63] ) الخزرجي : العقود اللؤلؤية ،1/173.

([64] ) انظر الشرجي: طبقات الخواص، 407 ، 408 .

[65]) الخزرجي: العقود، 1/ 103.

([66] ) الجندي: السلوك، 1/ 384 – 387 .

([67] ) الجندي: السلوك ، 1/ 455 – 457.

([68] ) الجندي: السلوك، 1/ 373 ، 374 .

([69] ) صلحاء اليمن، 135، 136 .

([70] ) البريهي: صلحاء اليمن، 182 ، 183. انظر ترجمته أيضاً في الخزرجي: العقود اللؤلؤية، 2/ 218.والحكيم الترمذي (ت320هـ) أحدى الشخصيات الصوفية المعروفة.للمزيد أنظر: الذهبي: سير أعلام النبلاء ،13/440 وما بعدها.

([71] ) انظر : ابن الديبع، عبد الرحمن بن علي: بغية المستفيد في تاريخ زبيد ، تحقيق/ عبد الله الحبشي، صنعاء: 2006،، ص221 – 223.

([72] ) انظر على سبيل المثال لا الحصر: الخزرجي: العقود، 1/ 152 ، 154، 179، 359.

([73] ) انظر على سبيل المثال لا الحصر: البريهي: صلحاء اليمن، 41.

[74] ) أنظر : عبد الله محمد الحبشي: الصوفية والفقهاء في اليمن ، صنعاء 1976م.

[75]) الأهدل: كشف الغطاء ،ص170.

[76] ) الشوكاني ، محمد بن علي (ت1250هـ): قطر الولي في حديث الولي ، ب د ، ص252.

([77] ) انظر على سبيل المثال: البريهي: صلحاء اليمن، 272.

[78] ) ملخص نظرية وحدة الوجود عند ابن عربي وأصحابه “أنه ليس في الوجود سواه عز وجل” ، أو “العالم واحد بالجوهر كثير بالصورة” .حيث هذا الوجود أو الكون ما هو إلا مظهر تجلي أسماء الله وصفاته، على أن الأسماء والصفات هي عين الذات ، والوجود ينقسم إلى واجب الوجود وهو الله عز وجل وممكن الوجود وهو الخلق ، وعلية فحكم ممكن الوجود حكم العدم أمام واجب الوجود، بينما عند جمهور علماء المسلمين أن الوجود هو مظهر تجلي الأسماء والصفات ولكن لا يثبتون أو ينفون أن الأسماء والصفات هي عين الذات. لأن النفي يعني أن القديم (سبحانه) كان متكثر ، وهذا محال بحق الله عز وجل . وسبب ابن عربي اختلاف العلماء فيه بين منزه له ومكفر، ومذهب القاضي الشوكاني فيه وكثير من العلماء مثل السيوطي بالبراءة من المقولات التي نسبت إليه وعدم تكفيره.(للمزيد أنظر: نصر حامد أبو زيد: هكذا تكلم ابن عربي ، القاهرة 2002،ص167 وما بعدها ؛ محمد الراشد: وحدة الوجود من الغزالي إلى ابن عربي،دمشق2006م،ص110 وما بعدها) .

[79] ) كشف الغطاء عن حقائق التوحيد وعقائد الموحدين وذكر الأئمة الأشعريين ومن خالفهم من المبتدعين وبيان حال ابن عربي وأتباعه المارقين ، تونس ، ب د ،ص170.

[80] الجنيد بن محمد البغدادي :أبرز أئمة التصوف وعلماءه حتى لقب بسيد الطائفة ، عرف بالصلاح والدعوة إلى الله ، عاصر الحلاج والشبلي وأنكر على الحلاج مقولاته ، أنظر ترجمته : الأصبهاني ، أبو نعيم : حلية الأولياء ، 10/255 ؛ الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد ، 7/241.

[81]) أنظر ابن تيمية ، أحمد بن عبد الحليم : مجموع الفتاوى ،ب د ،1/197،453،481،2/224،369،405-3/387 ؛ برهان الدين البقاعي (885هـ ): تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي ، تحقيق وتعليق / عبد الرحمن الوكيل ، ب د ، ص 260،261؛ الأهدل : كشف الغطاء ،17،32،184.

([82] ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم(ت728هـ): شرح فتوح الغيب للإمام عبد القادر الجيلاني، :دمشق 2005م ،ص 160 ؛ الرندي ، أبو عبدالله محمد بن إبراهيم بن عباد النفري(ت792هـ) : غيث المواهب العلية في شرح الحكم العطائية ، تحقيق عبد الحليم محمود ومحمود الشريف، القاهرة ، ب د ، 330 .

[83]) الرندي : غيث المواهب ، 395 .

([84] الأهدل : كشف الغطاء ، 218 وما بعدها .

([85] العيدروس ، محي الدين : النور السافر في أخبار القرن العاشر ، ب د ،ص172 ؛ أبو بكر بن علي المشهور: الأرض الخاشعة ، القاهرة ب د ، ص50 .

[86]) ألقى الباحث محاضرة عامة بهذا الخصوص بعنوان :” المناهج الغربية ودراسة السيرة النبوية”. بجامعة صنعاء في 16/3/2009م.

تعليقات

المشاركات الشائعة