البابية والبهائية


  تمتد الطريقة أو الديانة البابية إلى الطريقة الشيخية إحدى الطرق الباطنية في المذهب الإمامي اوالشيعي الإثنى عشري، والتي أسسها الشيخ أحمد الاحسائي. تركز هذه الطريقة على التمهيد لظهور المهدي المنتظر وتهيئة الأوضاع لذلك.  قاد الجماعة من بعد الاحسائي الشيخ "كاظم الرشتي" الذي ما أن توفى حتى انقسمت الجماعة من بعده إلى ثلاث فرق، منها: فرقة قادها الشيح حسين البشروئي، الذي اثناء دعوته تعرف إلى شخص يدعى على محمد الشيرازي، وهو الشخص الذي آمن بأنه الباب نسبة إلى قول الرسول ﷺ: "أنا مدينة العلم وعلي بابها" أي أنه الباب إلى الله ورسوله، وهذا الباب ما لبث أن أدعى سريعًا بأنه المهدي المنتظر، وبعدها أن الوحي يتنزل عليه، وأن الكتاب المنزل عليه اسمه كتاب "البيان العربي"، وأن كتابه وديانته ناسخة لكل ما سبق من قبله، بمعنى أنه ناسخ للإسلام، وهنا خطورة في هذا الموضوع، كما أنه أنكر البعث والنشور، وهذا الفارق بين المؤمن وغيره، فمن شروط الايمان؛ الايمان بالله واليوم الآخر، فكل من أنكر البعث، وحتى أن كان يؤمن بالله فهو كافر.

      أيضًا من مذهبه قضية تناسخ الأرواح –والذي يعني بأن روح الانسان بعد موته تنتقل على حسب عمله فإذا كان عمله صالح تنتقل إلى روح شخص حاله أرقى منه، أما إذا كان الشخص عمله سيئًا تنتقل روحه إلى أجساد الحيوانات، مثل الطواويس والفئران-، وتتضح خطورة هذا الرجل عند استخدامه النساء في نشر دعوته، من أشهرهن قرة العين القزوينية، التي كان لها تأثير كبير في نشر الدعوة البابية، الأمر الذي أغضب خالها، الذي كان أحد كبار علماء إيران، فافتى بكفر الباب، ولهذا تم قتله في باب أحد المساجد. كذلك عمل على إلغاء العبادات، وأنكر الحجاب، ودعا إلى الإباحية، وإلى شيء خطير جداً وهو الدعوة إلى "وحدة الدين والشرائع في الأرض" وهذا يذكرنا بالفكر الماسوني.

     ولهذا يعتقد بعض الباحثين بأن الاحسائي والرشتي ما هما الا قسيسان روسيان تم دسهم في جسم الأمة، للتبشير بالنصرانية، ولم توجد دلائل تاريخية تؤكد بأن الاحسائي كان مبشراً، لأن الطريقة الشيخية استمرت في التمهيد لظهور المهدي المنتظر، ولم تدعو إلى النصرانية، ولكن المبدأ بحد ذاته هو مبدأ مساس بعض اليهود لتحقيق الانحراف للإسلام، وتضليل المسلمين.

     آمن بما يسمى الباب" ثمانية عشر" شخص، ونتيجة اتساع الدعوة بدأت الدولة تخشى منهم خاصة شاة إيران، فقام اتباع الطريقة الشيخية نفسها التي انفصل عنهم الباب بالوشاية بهم عند الشاة، فحاربهم وانتهت بإبادتهم جميعًا، عدا الباب وشخص واحد، وتم سجنه؛ واثناء ذلك نشط العديد من اتباعه مما ساعد على نشر هذه الدعوة لان القضاء على فكر، يستوجب مواجهته بفكر اخر، لا بالسجن ولا بالحرب.

    حاول السفير الروسي التدخل لمنع اعدام الباب لكنه لم ينجح فتم إعدامه في 1850مـ، والذي قام بعدها بعمل مفاجئ وهواستدعاء رسامين لتجسيد لوحة للباب اثناء مقتله، دعيت بــ "مغوار الشهداء" أو "الشهادة" محاولة للتعظيم من شأن هذا الرجل، ثم تم نقل جثته إلى عكا في فلسطين. بعدها قام اتباعه بعده محاولات اغتيال فاشلة، تم بعدها القبض عليهم مع قرة العين التي اعدمت ومن معها في 1852مـ.

    ظهر من أتباع البابية رجل آخر يدعى ميرزا حسين علي نور، الذي ادعى أنه اثناء اعتقاله في طهران تنزل عليه الوحي من الكتب المقدسة. كان أحد نبلاء الفرس الأغنياء، واشتغل في بداية حياته بالتجارة، ثم بعد ذلك تفرغ في دراسة الدين. ونتيجة لنشاطه المتزايد نفاه شاة إيران إلى بغداد، ثم نفي إلى إسطنبول، ومنها إلى ادرنه ثم عاد ليستقر في فلسطين، وكان هو واخاه الذي سمى بـ "الأزل" أو "صبح الأزل" والذي نفي هو الأخر إلى قبرص، يستلمان راتبًا من الحكومة البريطانية.

      هذا الرجل في البداية ادعى بأنه الباب " الباب إلى الله ورسوله "، ثم بانه المهدي المنتظر، ثم بالنبوة وأنه تنزل عليه الوحي، ليدعي بعدها الالوهية، على مبدأ الحلول والاتحاد؛ أن الله حل فيه. * احتجب هذا الرجل عن الناس وذلك تحت زعم أنه يحجب بهاء الله الذي حل فيه – وهو المنزه جل علاه –، ألف العديد من الكتب التي دعا فيها إلى دينه الجديد "البهائية"، منها: كتاب الأقدس، كتاب الإيقان، كتاب اشراقات، وكتاب تجليات. وأدعى أنه لا يأتي بعده نبي حتى ألف عام. توفى في فلسطين عام 1892مـ ، ودفن في سفح جبل الكرمل.

    وتكمن خطورة البهائية في أن اتباعها يمارسوا أفكارهم الضالة المضلة بين أوساط المسلمين. ومن أخطر معتقداتهم هو انكار البعث والنشور، وكذلك الثواب والعقاب الذين يقولون عنه أنه كالخيال يمس فقط الأرواح، ولا وجود حقيقي وفعلي للجنة والنار، كما انهم يؤلوا القرآن بما يناسب أقوالهم ووفقًا لاعتقاداتهم، والخطير قولهم أن شريعتهم تنسخ شريعة القرآن والإسلام. أيضًا انكار المعجزات للأنبياء، وحقيقة وجود الملائكة. ومن معتقداتهم تقديس الرقم (19) الذي جعلوه عدة شهورهم، وعدة أيام الشهر، وذلك لأنه يجمع بين حروفه كلمتين "الحياة والوجود" فقالوا أن هذا سر الحياة والوجود، وربما هذا تأثراً بفلسفة فيثاغورس Pythagoras، الفلسفة التي تقدس الارقام، حيث ترى أن هذا الكون عبارة عن رقم ونغم، وهذا يوضح مدى تأثر ميزرا بعدة فلسفات وأفكار كما سنرى.

     كذلك قاموا بتحويل القبلة إلى عكا بفلسطين، ويقدسون البيت الذي ولد فيه الباب بشيراز، وجعلوا الصلاة في اليوم تسع ركعات؛ ثلاث ركعات في الصباح، وثلاث في الظهر، وثلاث في المساء. وانكروا صلاة الجمعة، والحج إلى البيت الحرام وكان الحج لديهم إلى قبر البهاء في فلسطين، وهو خاص فقط بالرجال. ومن معتقداتهم المنحرفة أنهم لا يغتسلون للجنابة، والوضوء لديهم فقط للوجه واليدين، ويكون بماء الورد، وإذا لم يجده يقول بسم الله الأطهر الأطهر،  ويصبح بذلك طاهراً.

     منعوا أيضًا النساء من الحجاب وأباحوا الاختلاط. والزكاة بالنسبة لهم بالرقم تسعة عشر، فتدفع 19% من رأس أموالهم ولمرة واحدة. أما الصوم، فأنهم يصوموا تسعة عشر يومًا من 2 حتى 21 مارس، وفيه يمتنعوا عن الأكل والشراب من أول النهار إلى أخره، ويعفى من الصيام الكسالى والعاملين بأعمال مرهقة!

    دعوا إلى المساواة بين النساء والرجال، ولكن بالمفهوم الغربي لاسيما بالإرث. والغوا الحدود الإسلامية واستعاضوا عنها بالغرامات المالية، أما الأخطر فهو تحريمهم للجهاد، إلا باللسان، وكان هذا التحريم في القرن 19م، وهو القرن الذي كانت فيه معظم الدول العربية والإسلامية واقعة تحت الاستعمار، وهذا ما يدل على علاقتهم بها. أيضًا دعوا إلى توحيد الأديان إلى دين عالمي يجمع الناس، والذي يتطابق مع الفكر الماسوني. ومن الأشياء التي حرموها ذكر الله في الأماكن العامة، إلا بصوت خافت.

     ومما يدل على وجود علاقة قوية ما بين البهائية والصهيونية، تأييدها ودعمها لهجرة اليهود إلى فلسطين، وانعقاد المؤتمر العالمي للبهائية في القدس عام 1968مـ، بعد احتلال القدس الشرقية بعام، والذي استفز مشاعر المسلمين، بهذا المؤتمر تم التأكيد على التعاون القائم ما بين البهائية والصهيونية، وأن الواحد منهم يكمل الأخر. أيضًا كانت كل المحافل البهائية عبارة عن أوكار تجسس لصالح إسرائيل سواءً في مصر، أو في العراق، كما أنهم أخذوا دعمًا عالميًا عندما أقرت الأمم المتحدة بعالمية مذهبهم.


* قيل ان أول من أوجد هذا المبدأ في الفكر الإسلامي هو الحسين بن منصور الحلاج وهو في حالة سُكر روحي حيث قال: انا الحق. فتم القبض عليه بعدها أعلن توبته من هذا الكلام إلا وانه بسبب الخلافات السياسية تم إعدامه وقتله.





تعليقات

المشاركات الشائعة